الزرافة والنملة الصغيرة
وصل الطائر المهاجر الى سامراء أو ( سرَ من رآى) ، حيث الحضارة والعمارة الاسلامية المميزة .
حط على مئذنة الملوية ، بالقرب من ( قصر العاشق ) الذي اشتهر زمن الخلافة العباسية .
من أعلى مئذنة الملوية رآى الطائر ( الزرافة ) تسير في الغابة وهي تشعر بالزهو والتكبر ، لإن كل الحيوانات تلقبها ( الجميلة ) ، لذلك أصبحت تشعر أنها أفضل من الجميع .
أما النملة الصغيرة ، فقد كانت حزينة جدًا ، وتكلم نفسها قائلة : لماذا انا لست جميلة مثل الزرافة ؟
وبدأت تكرهها كثيرًا ، وتغضب من كل الحيوانات التي تلعب معها أو تكلمها .
في يوم ، كانت النملة ذاهبة الى بيت صديقها ( القرد ) لتقديم التهنئة له بمناسبة نجاحه في المدرسة ، لكنها تراجعت لوجود الزرافة ضيفة عنده ..
غضبت غضبًا شديدًا ، وصرخت : سأقتلك … سأقتلك أيتها الزرافة الغبية .
بعد تفكير طويل ، قررت النملة أن تهاجر الى ( غابة المحبة ) .. ودعت أصدقائها بمودة ولطف ، وقد بدت عليها علامات الحزن والاكتئاب .
بينما كانت في الطريق إلى الغابة ، أحست أن هناك شخصًا يركض وراءها … هرولت محاولة أخذ عصاً مرمية على الأرض ، لكي تدافع عن نفسها ، لكن العصا بدأت تجري بسرعة مبتعدة عنها دون توقف .
صاحت النملة متلهفة : أيتها العصا توقفي … رجاءً توقفي
ردت : لن أتوقف ، هل تريدين أن تصبحي مجرمة ؟!
ردت النملة وهي تشعر بالخوف : ماذا ؟! لكن هناك من يلاحقني ويجري خلفي .. ويجب أن أدافع عن نفسي .
قالت العصا : أنظري يا صغيرتي .. إنها الزرافة .
ردت النملة وهي متفاجئة: من ؟!!
توقفت عن الجري ، التقطت أنفاسها ، والتفتت نحو الزرافة قائلة : لماذا كنت تلاحقينني ؟
ردت : تبعتك لكي أعتذر منك عن تصرفاتي الوقحة ، ولأنني كنت متكبرة ومغرورة جدًا ، بعد ذهابك أحسست بالذنب ، سامحيني رجاءً.
ابتسمت النملة لها بلطف ، وشكرت العصا كثيرًا ، ورجعتا الى الغابة وقد أصبحتا صديقتين متحابتين .
تفاجأت الحيوانات عندما رأت إن صداقتهن أصبحت أجمل وأقوى ، وان العداوة تحولت الى ود ومحبة .
تقدمت النملة وقصت على الجميع القصة كاملة ، وفي النهاية قالت : هذا الذي لا يثق بنفسه .
قالت الزرافة : وهذا الذي تكبر تكبرًا شديدًا .
فرح الطائر المهاجر بما شاهده ، وقدم لهم التحية والاحترام .
بعدها واصل رحلته الى مكان جديد.
مها حيدر
من مجموعتي القصصية (الطائر المهاجر )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق