السبت، 26 أغسطس 2023

ج(الخامس) من قصة {{في عتمة الحافلة}} بقلم الكاتب القاصّ الأردني القدير الأستاذ{{تيسيرالمغاصبه}}


 (في عتمة الحافلة)

   سلسلة قصصية 
   "الموسم الرابع"
           ٢٠٢٣
-----------------------------------------------------

     -٥-
    ثورة

بعد أن أنهيت محادثتي الهاتفية مع جمانه التي حصلت على رقم موبايلها من توني والذي أصبح مؤتمن أسراري ،
ظهر أمامي ذاك الجميل الذي لم أتعرف عليه بعد ،وأعطاني إشارة إعجاب وقال بسعادة غامرة:
-أنت هكذا ياعزيزي ،هكذا أنا أحبك ،فأنا كم أمقت الرجل السطحي؟
-لكن هل لي أن أتعرف عليك ياعزيزي .
-سوف أترك الأمر لذكائك ياعزيزي ..فأنا كم أثق برجاحة عقلك؟
-حسنا كما تريد.
-والأن إلى اللقاء؟
-إلى أين .
-لك مفاجأة أيها الحبيب؛سنلتقي فيما بعد؟
ما أن إختفى من أمامي حتى جائني صوت توني من مايكروفون الباب يخبرني بوصول لجنة التوصيل.
نهضت وفتحت الباب ..يدخل توني وهو سعيد جدا كما وأن المفاجأة له هو لا لي أنا،
ودخل بعده إثنان ومعهم فتاة جميلة جدا ،وكانت في منتهى الأناقة.
كان الرجال يحملون صندوقا كبيرا ،قالت الفتاة وإبتسامتها الجميلة لاتفارقها:
-أسعدت صباحا ياسيدي؟
-أهلا وسهلا بك، تشرفنا سيدتي أنت ومن معك.
-لن نأخذ من وقتك الكثير ياسيدي؟
-بل خذوا وقتكم الكافي .
قبل أن يقوم الرجال بفتح الصندوق لتركيب ريبوت المرأة ،قلت لها :
-عفوا سيدتي أنا لاأحتمل رؤية المرأة إلا في أجمل صورة ،ولهذا سأذهب إلى الشرفة حالما تنتهون من إعدادها؟
قالت :
-كم أنت رقيق ياسيدي.

بعد نصف ساعة ناداني توني قائلا بسعادة غامرة:
-أن فتاتك أصبحت جاهزة ياسيدي؟
خرجت من شرفتي لأرى أمامي فتاة سبحان من صور ..آسف؛ سلمت أيدي من صنع وإبتكر ،لقد كان جمالها يسلب العقول ،ولم أصدق بأنها  الريبوت ذاته ،فقلت للمرأة:
-أحقا ماأرى ..أم أنكم تمازحونني؟
-هههههههه بل ستندهش أكثر عند التعامل معها ..أنها إمرأة حقيقية من صنع عقل الإنسان.
إقتربت منها ولمست ذراعها المكشوفة، إنكمشت وتأوهت بحياء ،فكان ملمس بشرتها كملمس بشرة الفتاة الحقيقية  ،فقلت بدهشة:
-ياإللهي ..لاأصدق ماأرى ..شيء مدهش حقا؟
-ههههههه ماالاسم الذي ستطلقه عليها  كي ندخله في عقلها .
فخطر في ذهني ماافتقده، فقلت بسرعة :
-حنان؟
-الله...يبدو أنك تعيش الحرمان من أجمل وأرقى شيء وهبنا إياه الرب ..ألا وهو الحب ..ه ..مارأيك أن أضع لها الماكياج؟
-بالطبع يسرني ذلك.
-إذا أطلب أنت منها الجلوس على المقعد كي أضع لها الماكياج؟
وأشرت لها على مقعد قريب وقلت لها :
-تفضلي ياعزيزتي حنان على هذا المقعد؟
أجابت برقة ورقي :
-حاضر ياحبيبي؟
ضحكت المرأة وقالت وهي تفتح علبة الماكياج:
-هذه المرة أنا سأضع لها الماكيج لأني أحب ذلك ،وبعد إذن ستضعه هي بنفسها؟
-أشكرك. 
*     *     *     *      *     *      *     *    *      *     *
بعد أن إنتهت لجنة التوصيل والإعداد من عملها ،قالت لي المرأة :
-ليلة حب سعيدة ياسيدي؟
جلست مع حنان في لحظات أجمل من ليالي الف ليلة وليلة ،بداية سألتها مختبرا براعة العقل البشري الذي صنعها:
-أنظري إلي ياعزيزتي ..كيف ترينني؟
ضحكت وقالت :
-أتود إختبار عقلي ياعزيزي؟
-لا فقط ليطمئن قلبي ياعزيزتي .
- قلبك هههههههه بقدر جمال قلبك فأنت وسيم جدا ..شعرك الانسيابي الغزير نصفه أشقر ،وأما النصف الأخر منه فقد كساه البياض ؛ وقد أضفى عليه جمالا أكثر ..مزيج مابين الشباب والشيب ..مارأيك بالوصف ؛هل هو دقيق ؟
-ياالله ..هل أنا في حلم ،أم في علم ..
ليتني عرفتك منذ سنوات ..قبل التورط في ذلك الزواج الغير متكافىء.
-لم تعلم  عني الكثير بعد  وعن قدراتي ،فأنا أخزن مشاعرك وأحاسيسك، ونبضات قلبك ياعزيزي؟
-كيف تشعرين بقلبي الأن .
-أن قلبك الأن هو الأضعف ،فلاتكاد نبضاته  تسمع ..لعلك ..أن.. قلبك يشكو من شيء ما ؟
-هذا صحيح. 
-أتحب أن أرقص لك ؟
-نعم وبكل سرور.
وكان نفس سيناريو لقائي بجمانه ،الرقصات ومن ثم ترك غرفة الجلوس .   .     .     .     .     .      .    .     .     .     .     .     .     .     .    .
*     *    *    *     *     *     *     *     *     *     *
بينما كانت حنان جالسة على الأريكة وأنا مستلقيا وواضعا رأسي فوق ركبتها ،أخذت أحدث نفسي:" هكذا أستطيع العيش بسعادة ودون أن أكون مضطرا إلى خيانة ثريا ،بل ستكون سعيدة جدا عندما ترى حنان .
بعد أن أقلت من عملي بسبب وضعي الصحي ،وتم حظري من الخروج فيما بعد والحجر علي ،شعرت بقيمة الحرية الحقيقية .
وكثيرا ما يعود بي الحنين إلى أيام اللهو والسهر ،خصوصا بعد أن غررت بي فحولتي مما جعلني ألجأ  إلى تجربة عقار الشباب الدائم، بحيث لم تفلح جميع أنواع المهدئات لتخفيف ثورة جموحي  حتى كان اليوم الذي تأثر فيه قلبي، وبعدها تم حرماني من  جميع حقوقي الطبيعية لأن قلبي لن يحتمل أي إثارة ؛على حد قول الأطباء. 
لكن يبدو أن ذلك القلب قد اعتاد على الجمال والحب ،وذلك مايخفف عنه الآلام ؛ليست مكابرة ،بل ذلك ماأشعر به.
لم أجد أي مبرر لابتعاد زوجتي ثريا عني وامتناعها عني ،فلا بد أنها قد منحت كل شيء لعملها واسمها ..ونفوذها،أم لعلها فقدت إنوثتها تماما ،فلم أعد أشعر بأنها أنثى  أو حتى إمرأة .
بل لم أعد أشعر بأي رغبة تجاهها،
حتى مقدرتي وفحولتي وشبابي الدائم لايحركان ساكنا أمامها ،
لاأصدق بأنها هي ثريا التي أحببتها لسنوات حب لامثيل له .
لقد أصبحت ثريا أقرب إلى الرجل ،بل هي ليست إمرأة أبدا، وأنا أراها تتكلم صارخة بالرجال وتشتمهم وتوبخهم. وهي تمارس سلطتها السياسية حتى في البيت ،
أن ماأريده هو حقي في الحياة كرجل ،وكإنسان ،والأن إما الخروج من حياتها ،وإما أن أعيش الحب حتى الموت ياقلبي الحبيب ،
لن احتمل أكثر ..آه..قلبي يؤلمني وبشدة ..لعلني سليم معافى  وإنما أنا أتمارض فقط.

(يتبع....)
تيسيرالمغاصبه 
٢٤-٨-٢٠٢٣

ليست هناك تعليقات: