(لن تشرق الشمس أبدا )
قصة متسلسلة
بقلم :تيسيرالمغاصبه
٢٠٢٤
الفصل الثاني
-------------------------------------------------------
-١٣-
هلاله وفريال
كانت غروب قد شعرت بالضيق من قريتها وناسها،وأخوتها ،خصوصا أنها غير جميلة بما فيه الكفاية لتلفت إنتباه الشباب إليها.
بل وأن وزنها الذي إرتفع بشكل لافت قد زاد من قباحتها،وبدت وللوهلة الأولى كأمها هلاله ؛سمراء ،بدينة، وغير جميلة .
وبعد أن فقدت كل أمل بالزواج ،قد فكرت ،بل إتخذت قرارها بالهرب إلى المدينة لتعمل هناك لدا إحدى الأسر الثرية،ولم يبق لديها سوى إنتظار ساعة الصفر لتنفيذ قرارها.
* * * * * * * *
كان صقر قد تعمد أن يحشو المقعد الخلفي لعربته بالصناديق الفارغة كي يجلس فريال إلى جانبه في العربة.
وهذا ماكان ،فكان كلما تحدث إليها يضع كفه فوق ساقها..فيرتعش جسدها بأكمله، فتمسك بيده وتبعدها عن ساقها.
ماأن وصلا إلى منعطف وادي الموت بدأت العربة بالاهتزاز فوق الحجارة الصغيرة والأتربة المنهارة على الطريق.
قالت فريال كلامها المكرر في كل مرة تمر فيها من هنا:
-بالله عليك يخوي شوي شوي بلاش نتوهرف بالوادي؟
ويرد صقر بخبث وهو قاصد إخافتها:
-معقول أنا مسرع هيك ..أصلا أنا مخفف السرعة عشانكي ..بس إلي إمبين إنو الوادي بنادي علينا بدو يوكلنا؟
قالت :
-ياساتر يارب؟
إنهارت صخرة أمامهما حاملة معها بعض الحجارة الصغيرة سادة الطريق أمامهما ،صرخت فريال عندما كادت العربة أن تسقط في الوادي،وقال صقر:
-هيك إحنا مجبورين إنا نرجع على القرية ،لأنه مثل منتي شايفه لحجار سدت الشارع ..وإذا بدكي بنظل نستنى لما يجي ناس مجبورين إنهم يروحو على المدينة ويقيموها إلنا؟
-بس بنخاف إنو يضب الليل ومايجي حدى ويفتحها .
-قولتكي ..خلينا طيب نبعد عن الشارع وإنلف ونرجع ؟
هنا بدأت فريال تتألم من ساقها التي قد يكون حدث لها إلتواء من جراء إهتزاز العربة والخوف معا،قال صقر:
-شو مالكي يختي؟
-إجري ..إجري إلتوت ياخوي ياصقر.
-طيب هسى بس أوقف السيارة بشوفها إلكي ..هذا يمكن عرق إلتوى ..شغلتها هينه؟
اعاد صقر عربتة إلى الوراء ،ثم أدخلها إلى ماوراء الصخور المرتفعة ليحجبها كليا عن الأنظار المحتمل مرورها.
فتح باب العربة وخرج ..توجه إليها ..فتح الباب من جهة فريال وقال:
-لازم إني أطيحكي من السيارة مشان أقدر إني أطق إجركي ؟
-طيب ..طيب ..بس شوي شوي ياخوي ياصقر.
أمسك بها كما وأنه يحتضنها ملاصقا وجهه بوجهها ..جرها إلى خارج العربة ..وضعها على التراب..رفع ساقها بسرعة متعمدا ذلك..بتلك اللحظة رفع ثوبها كاشفا جسدها،وبلحظة أصبح صقر فوقها كوحش جائع بينما كانت فريال تتوسل :
-لايخوي ..لا يخوي..؟
أجابها صقر بغضب:
-ليش بتقولي لا ..بدكي هسى إتسوقي الشرف علي أنا يافريال..هسى على دوري صرتي مره شريفه..وللا عمني ماني حلو وعيوني مش زرق مثل جودت بيك ..أبو يحيى ..ابن الحرام إلي مسويه حالكي بدوري عليه؟
* * * * * * * *
أما في القرية ،فتعود هلاله من رحلة الحج ..تعود محملة بالهدايا المشتملة على المسابح ،والمصليات ،والعطور بالإضافة إلى جركل معبأ بماء زمزم،وناظور معه أقراصه والذي يعرض صور الكعبة المشرفة وبعض المساجد لابنها حسن أصغر اولادها.
يذهب حميدان مصطحبا معه أسرته إلى هناك لاستقبالها والمباركة لها.
أما هلاله فعندما لم تر فريال معهم سألت حميدان ساخرة :
-ووين "ست" فريال.. لتكون ماهي متنازله تجي إتبارك إلي ..وللا بدها إني أنا أروح عنديها؟
قال حميدان موضحا:
-هذه فريال مابعرف شو مالها..خف الله إنها رايحه إدور على يحيى بالبرية؟
-ليش هو يحيى ضايع.
-أيوه ..ضايع؟
فقالت بخبث محاولة احراجه أمام الجميع:
-ضيعته.. ضيعته ياحميدان..ظليت وراه لمنك ضيعته؟
-لاتقولي هيك ياهلاله ..يعني معقول إني أنا أضيع ولدي.
-آآآه..ولدك ..لا أنا قلت مش معقول إنك إتضيع...ولدك؟
صمت حميدان مغتاظا، ثم نهض وطلب من أولاده النهوض للمغادرة،وغادر حميدان مع أسرته وبقي عبدالله الذي كان يلهو بعيدا مع حسان.
* * * * * * * * *
بعد أن إنتهى صقر من افتراس فريال ،استلقى بجانبها على التراب، وقفت فريال تنفض ثيابها مما علق بها من غبار ،فقالت له:
-خلص هيك..أخذت إلي بدك إياه مني ياصقر ..وهسى بدك إترجعني على القرية وللا بدك إتخليني تايهه هون بلجبال؟
نهض صقر وقال وهو ينفض ثيابه بكفيه :
-طبعا برجعكي على القرية ..إنتي شو مفكريتني ..أنا بظلني إبن أصل؟
-الله يعز أصلك يخوي.
-سامحيني يافريال ..أنا بحبكي من زمان ..من أول مره شفتكي بيها مع جوزكي حميدان إلي ما بستاهلكي..وماقدرت اقضب حالي ؟
-سامحتك ..يعني إنت بدك إتكون بتختلف عن بقية زلام القرية إلي مابدورو غير على المحرمات.
-بس..بس إذا مابتهمليني ..وبتهتمي بعطيكي إلي بدكي إياه ..بفديكي بروحي؟
صمتت فريال متجاهلة كلامه و
صعدت إلى العربة ،وصعد إلى جانبها وعادا إلى القرية ،وعندما علمت فريال بعودة هلاله من الحج سارعت بالذهاب إلى منزلها لتهنئتها حتى قبل أن تغتسل من واقعة اليوم.
وصلت فريال إلى هلاله وأخذتها بالاحضان والقبلات مهنئة بسلامتها ،خصوصا أن هلاله قد أصبحت هي كبيرة نساء القرية وسيدتهن بعد الثراء الفاحش الذي أصاب أولادها.
مع المساء ،وبعد أن فرغت الصالة من المهنئين والمهنئات، إختلت هلاله بفريال لتنفث سم أحقادها في وجهها، بينما كان عبدالله مستلقيا على الفراش ،غامرا رأسه بالغطاء متظاهرا بالنوم،قالت هلاله:
-يالطيف لو بتعرفي قديش بكرهكي يافريال..قاعده مثل الحيه..والله ماحدى بقدر عليكي بالقريه ..أخذتي مني حميدان وإنتي عارفه إنا أنا وياه بنحب بعضنا من زمان .. خنتيه.. كمان قلنا مش مهم محنا كلياتنا نسوان القريه خاينات..بس أنا بعرف إنو الوحده لما تولد ولد من ظهر حبيبها ..إبن حرام ..بتصير إتحبه كثير ..وبصير هو لمفضل عنديها..ولميز بين عيالها..مثل أنا مابحب وبميز بنتي غروب ..مش بتسوي بيه زي إنتي ماسويتي..بتهمله وبتخليه فريسه للنسوان؟
كانت فريال كلما أرادت التحدث تسكتها هلاله وتنهرها بصوتها الحاد، المرتفع وهجومها، ومن ثم تتابع:
-سدي ثمكي ولتقاطعيني يافريال ..ياوسخه..خليتيهم يضيعو ولد مثل القمر ..وهسى رايحه بتخلي حالكي بتدوري عليه ..لأ ومع مين راكبه ..مع الشفير صقر ؟
وكانت هلاله قد إشتمت في جسد فريال ماخلفته خطيئتها مع صقر من رائحة نتنة عندما احتضنتها ،"وهن يفهمن ذلك جيدا"وتابعت:
-طيب لدي علي .. عيني بعينكي ..ماسويتو إشي إنتي وصقر بالبرية لما ركبتي معه..ولكي إنتي حيه قرصتكي بالقبر ..يحيى شو ذنبه إنو إنتي بتحبي أبوه إلي رماكي مثل الكلبه بعدماأخذ منكي إلي بدو إياه ..وبتنمحني لما تتذكريه بوجه يحيى وعيونه الزرق ..قوليلي هسى ..عمركي بستي يحيى على خده..عمركي ضميتيه على صدركي زي الأمهات مابسون مع عيالهن ..قولي ..ولا مره..ليش ..عمنه بشبه أبوه ..خايفه تنمحني ياقحبه ..مهو يحيى ولدكي ..ولدكي يافريال..إبن بطنكي..صحيح أنا بعترف إلكي إني قحبه بس مش مثلكي يافريال..والله حتى أنا مابقدر عليكي ..بتخلي حالكي شريفه وإنو البسه بتوكل عشاكي وإنتي أوسخ وحده بالقريه ..أنا بكرهكي وبكره جوزكي وبكره عيلتكو كلها ..وبكره حتى ولدكي يحيى..بس ..لو إنو يحيى كان ولدي أنا ،والله غير أتباها بيه قدام كل نسوان القرية وغير أخليه سيد الشباب بالقريه..بس لازم إني أحكي كلمة الحق ..إتفوه عليكي ياوسخه ..إتفوه؟
عند ذلك إنفجرت فريال بالنحيب ودموعها تبلل وجنتيها.
نهض عبدالله من فراشه واستقام واقفا ،بعد أن أفرغت هلاله شحنة غضبها وحقدها ونفثت كامل سمها ،وبالتالي إنهارت فريال مخرجة كل عبراتها .
نهضت فريال وخرجت مع ابنها عبدالله عائدين إلى منزلهما وإستمرت فريال بذرف دموعها الحارقة..الحارة طوال الطريق إلى أن وصلا إلى منزلهما.
* * * * * * * *
لقد كانت فريال تعلم ..بل ومتأكدة كل التأكد بأن كل ماقالته هلاله كان كلاما صحيحا ،وهذا ما جعلها تتألم وتذرف الدموع.
عندما وصل حميدان إلى البيت ورأى دموع زوجته ،سألها عما بها ،لكنها لم تجب ،بل إستمرت بالبكاء.
وهنا وجه السؤال لابنه عبدالله :
-ولك عبدالله منت كنت معاها ..قلي ليش أمك بتصيح هيك؟
-لا ماصار إشي ..بس هلاله بهدلتها وطلعت من دارها وهي بتصيح.
-هيك يعني ..بسيطة ياهلاله ..أنا بورجيكي؟
في الواقع أن مشاعر حميدان قد بدأت تتغير تجاه زوجته فريال بعد أن بدأ يكبر ويهرم ،حيث أنه عندما تزوج منها كان يكبرها بكثير جدا، وقد أذاقها ألوان الإهانات والذل والقسوة، والأن ..ياترى هل ذلك التغير يحدث بفعل العطف ..أم تأنيب الضمير، حمل حميدان عكازه وتوجه إلى هلاله بينما شواربه كالعادة ترتعش من شدة الغضب .
وتزامن ذلك مع هروب غروب ابنة هلاله المدللة من البيت دون أن يكتشف أمرها أحد.
(يتبع....)
تيسيرالمغاصبه
٩-٣-٢٠٢٤
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق