مُسَافِرُ بِلَا رَجْعِهْ
مُسَافِرُ بِلَا رَجْعَةٍ ، وَتِلْكَ فَتَاةٌ زَرَعَتْ دَمْعَةً عَلَى خَدِّي . إِذَا نَادَيْتُهَا : حَبِيبَتِي ، أَتَقْبَلُ أَمْ تَبْلِينِي بِصِرَاعِهِ ؟
تِلْكَ فَتَاةٌ ، فِي حُبِّهَا ، أَذْقَتْنِي مَرَارَةَ الْوَجَعِ حَتَّى سَمِعْتُ مِنْ قَلْبِي صَوْتَ دَمْعَةٍ .
وَأَعْرِفُ جَيِّدًا أَنِّي مَهْمَا سَافَرْتُ إِلَى كُلِّ بِقَاعِ الْأَرْضِ ، لَا بُدَّ أَنْ أَعُودَ إِلَى حِضْنِ تِلْكَ الْفَتَاةِ الرَّجْعَهْ
مَاذَا أَفْعَلُ وَقَلْبِي لَمْ يَعُدْ يَحْتَمِلُ ؟ أَنَا أَظَلُّ فِي هَذَا الْوَجَعِ وَحِيدًا ، وَلَا أَجِدُ مَنْ يَكُونُ لِي عَوْنًا .
فَعَلْتُ كُلَّ شَيْءٍ كَيْ أُثْبِتَ شَوْقِي مَعَ الْوَجَعِ ، حَتَّى فَكَّرْتُ أَنْ أَفْعَلَ لَهَا سِحْرًا وَخُدْعَةً .
فَذَهَبْتُ إِلَى طَبِيبِي كَيْ يُدَاوِيَ الْقَلْبَ مِنْ وَجَعِهِ ، فَلَمْ يَكْفِ . أَعْطَانِي الْعَاجَ لَكِنَّهُ طَلَبَ مِنِّي الْخَزْعَةَ .
الْيَوْمَ أَكْتُبُ إِلَى حَبِيبَتِي الْحَسْنَاءِ كَلِمَاتٍ تُصَارِحُهَا بِحُبِّي لَهَا ، فَلَيْتَهَا تَسْمَعُهَا .
أَنَا الَّذِي لَمْ أَخْفْ مِنْ شَيْءٍ فِي حَيَاتِي ، لَكِنَّنِي خِفْتُ أَنْ أَدْخُلَ فِي حَرَامٍ مُجْبَرًا إِلَى مَخْدَعِهَا .
أَنَا الَّذِي مَا تَخَلَّيْتُ عَنْ حَقِّي مِنْ احَدٍ إِذَا أَخَدَهُ لَا ادْرِي كَيْفَ قَلْبِي مِنْ تِلْكَ فَتَاةٌ أَسْتَرْجِعُهُ
هِيَ الَّتِي جَعَلَتْ فِي قَلْبِي زُهُورًا وَحَدِيقَةً وَبُسْتَانًا ، وَجَعَلَتْ مِنْهُ أَرْضًا وَمَزْرَعَةً .
وَاللَّهُ يَا سَادَتِي ، لَا أَدْرِي : هَلْ سَتُقْبِلُ بِحُبِّي لَهَا أَمْ سَتَجْعَلُ رَأْسِي يَتَدَحْرَجُ أَمَامِي ، وَهِيَ مَنْ تَأْمُرُ سَيْفٌ فَتَقْطَعُهُ ؟
اعْتَرَفَتْ أَمَامَ عَيْنَيْهَا آلَافَ الْمَرَّاتِ أَنَّ جَسَدِي وَرُوحِي وَالْقَلْبَ قَدْ لَقِيَا مِصْرَاعَهُ .
هِيَ الَّتِي جَعَلَتْنِي فِي طَلَبِهَا وَمُتَطَلَّبَاتِهَا أَهْدِمُ كُلَّ شَيْءٍ فِي صَدْرِي لِأَبْنِيَ مِنْ عِظَامِي لَهَا قَلْعَةً .
هِيَ الَّتِي جَعَلَتْنِي مُهَاجِرًا كَطُيُورِ السِّنُونَ ، فَلَا تَبْحَثُوا عَنِّي فَلَنْ تَجِدُوا لِي مَكَانًا أَوْ بُقْعَةً .
مُسَافِرُ أَنَا عَنْ هَذَا الْمَكَانِ بِلَا رَجْعَةٍ ، فَكُونِي أَنْتِ كَالْقَمَرِ تَنِيرِينَ الظَّلَامَ ، كُونِي نُورًا أَوْ حَتَّى لَمْعَةً .
فَلَا تَخَافِي يَا سَيِّدَتِي ، لَنْ أَسْتَبْدِلَكِ بِكُلِّ نِسَاءِ الْأَرْضِ ، وَلَوْ أُحِلَّ لِي بَدَلَ وَاحِدَةٍ أَرْبَعَةٌ .
لَا تَخَافِي يَا حَبِيبَتِي ، لَوْ اجْتَمَعَتْ كُلُّ جَمِيلَاتِ الْأَرْضِ ، فَمَكَانُكِ فِي قَلْبِ غَيْرِكِ لَنْ تُزَعْزِعَهُ .
لَا مَكَانَ فِي الْأَرْضِ سَيَقْبَلُنِي فِيهِ وَأَنْتَ لَسْتَ مَعِي ، وَلَا مَسَاجِدَ حَتَّى ، وَلَا صَوْمَعَةً .
هَذَا كَلَامٌ مَا قُلْتُهُ الْآنَ عَنْ حُبِّي لَكَ ، سَاجِدٌ مَنْ يَسْمَعُهُ ، أَمْ سَأَكُونُ أَنَا الْوَحِيدَ مَنْ يَسْمَعُهُ ؟
إِذَا بَقِيتُ أَنَا الْوَحِيدُ مَنْ يَسْمَعُهُ وَأَنْتِ لَمْ تَقْبَلِي حُبِّي لَكِ ، فَوَاللَّهِ قَلْبِي مِنْ بَيْنِ الضُّلُوعِ هُوَ مَنْ يَخْلَعُهُ .
وَإِذَا كَانَ جَزَاءُ هَذَا الْفِعْلِ أَنْ أَمُوتَ ، فَلَا يُهِمُّنِي حَتَّى وَإِنْ كَانَ جَزَاءَ مَوْتِي وَمَصْرَعِه .
وَإِنْ ظَلَّ قَلْبِي يَبْكِي عَلَى فِرَاقِهَا ، أَعِدُكُمْ أَنْ أَجْعَلَ مِنْ قَلْبِي مَنْبَعًا تَتَسَابَقُ النَّاسُ لِتَغْتَسِلَ مِنْ أَدْمِعَه .
مُهَاجِرُ أَنَا ، أَيُّ مَكَانٍ بِلَا رَجْعَةٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَقِلَّ عَنِّي مِنْ ذَلِكَ الْحُبِّ قَدْ لَقِيتُ مَصْرَعَهُ .
هَذَا كَلَامٌ إِلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَهُ ، سَجَّلُوهُ بِاسْمِ مَنْ اخْتَرَعَهُ ، وَفِي هَذِهِ الْقَصِيدَةِ كَانَ مَجْمَعًه .
الشَّاعِرُ : أَحْمَدُ مِيشُو
Ahmadmashi
@الجميع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق