قصة قصيرة
شر البلبة
بعد مغادرة جميع الموظفين ،بقيت في العمل حتى وقت متأخر.
بقيت وحدي أنتظر متى تعطف علي السماء فيتوقف هطول الأمطار الغزيرة في الخارج.
مع إزدياد أصوات الرياح العاصفة والتي تسبب الضجر، وقفت أمام زجاج النافذة لأنظر مشهد العواصف وهي تعيث بالأشجار فتكسر بعضها والنفايات التي إمتزجت بالطين في كل مكان وتشكل سيول أصبحت فيما بعد أشبه بالنهر الجاري.
لاأحد في الطرقات المغمورة بالمياه حتى حركة المركبات والباصات باتت قليلة.
صوت الرعد كان أقرب إلى صوت قصف الطائرات الحربية.
كوني أنا الموظف الأقل أجرا فكانت توكل إلي اصعب المهام ،منها الوصول في الصباح الباكر لفتح باب الشركة وإغلاقه في المساء لأكون آخر موظف يغادر .
بعد أن استقل كل من الموظفين
عربته الفارهة..الثمينة وغادر بقيت وحدي كالعادة أرجو السماء التي كانت تعاندني وتصر على سجني في هذا المكان الكئيب والذي يبعد كثيرا عن مكان سكني ؛ارجوها بأن تعطف بحالي.
أخيرا عزمت أمري على أن أخوض في ذلك العراك لتتلاطمني الأمطار وتتقاذفني الرياح "كالعادة".
حتى اتمكن من إيجاد وسيلة
مواصلات تقلني إلى منزلي البعيد.
وخرجت ..كانت الرؤية معدومة بعد أن غمرني الضباب الكثيف المتشكل.
عانيت الكثير من التحالف المنقاد ضدي من قبل الطبيعة ..والبشر.
قال مراقب الموظفين عبارته اليومية قبل مغادرته :" لاتتأخر في الصباح حتى لا يتم الاستغناء عن خدماتك ؟"
أخذت العربات ترشقني بالوحل من مستنقعات المطر الممزوجة بزيت العربات وعوادم الأدخنة.
جريت نحو إحدى الأزقة لأحتمي قليلا من قسوة الطبيعة.
كدت أن اتعثر بجسد بشري يتدثر بمعطفه الواسع .
كان رجل خمسيني يحتضن صغيره ذو الخمسة سنوات والذي كان يحاول الالتصاق بوالده كلما إزدادت قسوة السماء.
كان الطفل شبه عار،ثيابه بالية ممزقة،متسخة إتساخ لا علاقة له بالمطر البته، وإنما يدل على الإهمال.
أوحى إلي مظهره بأنه يحكي حكاية
أيام وليال عصيبة مر بها ولايزال يمر
؛كما مررت أنا بها أيام طفولتي.
نظر الطفل إلي نظرة توسل كما وأنه يرجوني بأن أجد له سبيل للخلاص.
إنتابني الحنين بأن أجذب الطفل منه وأن أحتضنه كي آخذه إلى منزلي البسيط الآمن.
شعرت بيد تمسك بأسفل معطفي وتجذبني ،
لقد كانت يد ذلك الرجل،الأب الذي كان يحتضن الصغير أو الأصح أن الطفل يحاول احتضانه بحثا عن الدفء كلما إشتدت الرياح فيزداد إرتعاشه.
نظر الرجل إلي نظرة توسل وإذلال وأشار إلي بإصبعه حركة أشبه بالمقص ثم قال يرجوني:
-أاجد معك سيجارة ياسيدي.
تيسيرالمغاصبه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق