(في عتمة الحافلة)
سلسلة قصصية
بقلم:
تيسيرالمغاصبه
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
خبر عبر الأثير
-١-
يوليو ١٩٨٠
لم أشعر بالارتياح لأي وجه من وجوه المسافرين هذه المرة.
أحاول التلفت وأخذ نظرات سريعة إلى الوجوه خصوصا عند ذهابي وعودتي من وإلى دورة المياه أو إلى بوفيه الحافلة.
وأعود إلى مقعدي خائبا في كل مرة،
فبدلا من أن أرى مايسرني إلا أن الوجوه جميعها كانت تتسبب لي بالاكتئاب والضيق.
تفاجأت بأن السائق أيضا كان فلاحا ،فحاول أن يبدو متحضرا وهو يرتدي زي الشركة،
لكن طريقة تحدثه كانت غالبا ماتفضحه ،امرأة خمسينية قبيحة الصورة كانت تجلس على المقعد القريب من مقعدي ،لكن على الشطر الثاني من الممر الفاصل بيننا.
وكانت تبحلق في وجوه المسافرين وكل من يمر كما وأنها غولة تحاول التصيد لإلتهام أحدهم .
لكنها أيضا كانت تنظر إلي بين الحين والأخر وكان ذلك يشعرني بالضيق .
كان قائد الحافلة يظهر في المرآة كما وأنه شيطان يود أن يقودنا إلى الجحيم .
كما أنه يبدو من عشاق الراديو، فأبقى البث متواصلا عبر الأثير ومهما كانت برامجه.
فحين ينبعث صوت مقدمة برنامج "رسائل شوق" بصوتها الأجش والأقرب إلى صوت الرجل،وحين آخر ينبعث صوت قارىء الأتراح والمياتم عبد الباسط ويقشعر بدني فأشعر كما وأني في موكب عزاء.
لم يكن مقعدي إلى جانب النافذة هذه المرة للهروب من نظرات المرأة القبيحة كي أتظاهر بالنظر منها.
لكن كان إلى جانبي من جهة النافذة رجل وجههه يتسبب بالاشمئزاز للناظر ،وكان يشخر وتفوح منه رائحة العرق الكريهة ممزوجة برائحة التبغ.
وكلما أدرت عنقي ونظرت دون قصد مني تلتقي نظراتي بنظرات تلك المرأة الحادة النظرات.
ماهذه الرحلة ،وماهذا الحظ السيء.
أما المرأة الخمسينية تلك فكانت تفوح منها رائحة الدخان الهيشي" دخان الزراعة اللف".
الرائحة التي لاتزال عالقة بها بالرغم من منع التدخين في الحافلة،لكن فيما بعد وكون قائد الحافلة كان من المدخنين أيضا ذلك جعله يسمح للجميع بالتدخين.
فأتخذت قراي بأن أغمض عيني في تلك الرحلة ؛بل وفي جميع رحلاتي القادمة وأن أنسى كل ماحولي وأن أركز تفكير بشيء آخر.
(وللقصة بقية )
تيسيرالمغاصبه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق