"رِداءُ الصَّمْت"
يتدلّى من حوافِّ الزمان،
كسِتارةٍ سوداء
في مسرحٍ خالٍ من الشهود.
يرتديه الوجعُ حين يتجمَّد الكلام،
ويعلّقه الغيابُ
على شمّاعةِ الذكرى.
نُسِج من خيوطٍ
غزلها الصبرُ بأظافر الجَلَد،
وامتدّ على نَوْلِ الريح،
فأضحت كأحاديثٍ
أجهضها الصمتُ قبل أن تنضج في الذاكرة.
في طيّاته
تتواري العيونُ عن الضوء،
وتتوضأ القلوب
بدموعٍ مؤجَّلة،
وتنكمش الأرواحُ
كأنها تنحت ملامحها
خارج اللغة والمعنى.
رداءٌ لا يَبلى،
فالصمتُ لا يُستهلك،
لا يُغسل،
ولا يُوارى،
بل يرثه القلبُ
كما يرث الوارثُ جراحَ سلالته.
تحت هذا الرداءِ
ينام السؤالُ بلا وسادة،
يحرسه العجزُ
بوجعٍ مألوف،
ألفَ بابًا لا يُفتح في وجهِ المعنى.
هو الرداءُ الوحيد
الذي لا يُفصّله خيّاط،
بل يفصّلكَ أنت،
بطول انتظارك،
بعرض انكسارك،
وبعمقِ ما التهمه الصمت.
أشدُّ الأثوابِ شجاعةً،
وأخفاها جُبنًا،
وحين ترتديه،
تصيرُ ظِلًّا لصوتٍ
أُعدِمَ بتهمةِ البَوح.
بقلم دنيا محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق