"اللّحظة الأخيرة"
في آخر الرمش،
حين تُطوى السماء كصفحةٍ تقيّحت بالنجوم،
ويرتجف الضوء خائفًا من ظله،
تهمس الحقيقة بثغرٍ مكسور:
"كل شيء كان مجازًا".
تتهاوى الساعات ككؤوسٍ نُسيَت على مائدة الوقت،
تتثاءب الذاكرة،
كأنها شيخٌ يحدّق في مرآةٍ فقدت زجاجها،
ولا يتذكر إلا صدى الحنين.
تخرس اللغات،
تسقط الحروف عن ألسنةٍ بلا نَفَس،
ويبدأ الفراغ بكتابة تاريخه،
على ورقٍ من صمت.
ترتفع الظلال كأرواحٍ بلا قبر،
تبحث عن جثثها في توابيت التأويل،
وكل صدى،
يرتدّ كصفعةٍ من ماضٍ لم يُشفَ.
الوجوه؟
أقنعةٌ لبستها اللحظة كي تنجو من الاعتراف،
والدروب؟
أنفاقٌ حلمت بالضوء، ثم استيقظت على موت النهايات.
في اللّحظة الأخيرة،
تنحني الأسئلة بإجلال،
كجنودٍ خسروا كل معاركهم
لكنهم لم يُقتلوا.
ينطفئ الجمر،
ليس لأنه مات،
بل لأنه تذكّر النار الأولى،
وخجل.
في تلك الثواني المعلّقة بين الكينونة والعدم،
يبكي الزمن
لأن أحدًا لم يُصدق أنه كان مجرد شاهد.
وتمضي اللحظة،
كأنها لم تكن،
وتبقى الرعشة
شاهدةً على أن المعنى...
لا يموت،
بل يختبئ.
بقلم دنيا محمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق