الخميس، 22 مايو 2025

نص نثري تحت عنوان{{زوايا التاريخ}} بقلم الكاتبة الفلسطينية القديرة الأستاذة{{دنيا محمد}}


 "زوايا التاريخ"

في الزاويةِ الأولى،
يُحدِّقُ التاريخُ في مرآتِه المشروخة،
يُسرِّحُ ذاكرتَهُ بأصابعِ الصدأ،
ويبتسمُ…
كأنّهُ لم يَعرفْ طعمَ الخطيئة.

في الزاويةِ الثانية،
تتدلّى النوايا من مساميرِ الخيانة،
تُرَقِّعُ صمتَ الملوكِ ببقايا العروش،
وتقيسُ الزمنَ
بأشلاءِ التّيجانِ المكسورة.

في الزاويةِ الثالثة،
يجلسُ سؤالٌ بثوبِ ناسكٍ وحيد،
يراقبُ القتلةَ
وهم يُعلّقون الفضيلةَ كوسامٍ
فوقَ أعناقِ الدّم.

في الزاويةِ الرابعة،
ينامُ الأملُ في نعشٍ من ذهب،
تتلو عليهِ الأممُ نشيدَ النسيان،
وتُزهرُ الورودُ
على لحنِ قبرٍ لا يُزهر.

في الزاويةِ الخامسة،
تكسِرُ الساعةُ عقربَيْها نكايةً بالدوران،
ويستفيقُ الوقتُ على حقيقتِه العارية:
كلُّ دقيقةٍ حفرة،
وكلُّ قرنٍ قناعٌ هشّ.

في الزاويةِ السادسة،
تنتعلُ الكتبُ أحذيةَ الجنود،
وتزحفُ في السطورِ جثثُ المعاني،
كلُّ فكرةٍ تنهضُ
على جثةِ أختها.

في الزاويةِ السابعة،
يمشي التاريخُ على عكّازِ الأساطير،
يستندُ إلى حدبةِ ظهره،
ويغنّي:
"أنا الحقيقةُ حين تُصفَّدُ بالكذب،
وتُقدَّسُ بالخرافة."

في الزاويةِ الثامنة،
تتهجّى الأوطانُ أسماءَها من فمِ الحضارة،
تُحوّلُ الندبةَ إلى شاهدة،
وتقفُ مصلوبةً
على حدودِ المعنى.

في الزاويةِ التاسعة،
يتقوّسُ الضوءُ خجلًا من المرايا،
وتتشقّقُ الجدرانُ من صدى الاعتراف،
فالتاريخُ ليس ما كُتِب،
بل ما بُتِرَ عمدًا.

في الزاويةِ العاشرة،
يبتلعُ الظلُّ نفسَه،
ويُعيدُ رسمَ الحكايةِ بمِمحاةِ الزمن،
ثم يخرجُ من الإطار،
كملاكٍ فقَدَ جناحيه…
وظنَّ أنه حُرّ.

بقلم دنيا محمد

ليست هناك تعليقات: