انا والبحر والكلمات
د.كرم الدين يحيى إرشيدات
لست رحالا
ولكن الكلمات هي التي تأخذني
هنا وهناك
اخاف العوم ولم اركب البحار
وقيلت عني الحكايات
والروايات
منهم من قال عني عراف الشواطئ
ومنهم من قال باني رحال
مسافات وقلوب
انا رحال كلمات وخواطر
ارتل الاشواق
على مقامات كرم الدين
ولا يجيدها احد غيري
لم تكن لي حكايات في الموانئ
ولم تكن لي
على كل شط رواية
فوالله لولا قمري ما كان هناك نور
وضاعت اغاني وبحور اشعاري
بين دهاليز الظلام
وذاك الموج
ما زال يتخبط على رمال الشطآن
يفتقد غيابي
ويسأل عن وحدتي
لم تكن لي إجابة
فإنا مجرد جسد خاو
لا تحركه الاشياء
جسد بلا روح
داخله أجوف استوطنه الخريف
اوراقه جافة
قد تشعله شرارة عابرة
وتحوله لكومة رماد
واسأل عن الاشياء
التي كانت تخصني
اسأل عن الروح
فتجيبني رمال الشطآن بأنها
ذهبت هناك بعيدا
سافرت مع اول نسمة
جاءت من الغرب لتستقر في موطنها
فقلت
انا هو موطنها
وماذا سيحل بي
كيف لجسد ان يحيا بلا روح
احابتتي موجة صغيرة
بحجم قلبي
تعال وأركب معي
لاوصلك لموطنك الجديد
وهناك سوف تلتقي بروحك
التي سبقتك الى عالمها
فقلت
لم اركب البحر يوما
ولا تجارب لي بركوب الامواج
عرفت البحر
من خلال النظر اليه
كنت اجلس هناك على صخرتي
واراقب الامواج من بعيد
وكنت احدث الامواج
من خلال قلمي واوراقي
ليس لي مغامرات الغطس
او العوم او حتى ركوب الامواج
وبالرغم ما مرت بي من السنين
ما زلت صغيرا يافعا
انتظر حورية البحار التي
كثر الحديث عنها
لربما قد تأتي واراها
قد تكون النظرة الاولى
التي تقلبني رأسا على عقب
تنثر بقاياي
كما تنثر الرياح الرمال
كرم الدين ليس بحارا
ولا اعرف فنون العوم
فكثير علي بضع خطوات
اخطوها على الرمال
كنت رسمت حبيبة على الورق
وكنت احدث الموجات عنها
وارسم صورها على الرمال
اراها تسافر مع الشمس
وقت الغروب
وانتظر الصباح لتأتي ثانية
وارسمها من جديد
اردت ان أبحر خلفها
رغم اني لا اجيد العوم
ولكني لم اعد اخشى الغرق
فبحور عينيها ستكون عالمي
الذي اجوبه بأشرعتي
ما كنت بحارا يوما
ولا ادري كيف رست سفينتي
بالقرب من اهداب عينيها
ولا ادري متى تسحبني الامواج
الى عرض بحرها
ولا ادري كيف صعدت على سارية سفينتي
وبمنظاري افتش عن حوريتي
التي رسمتها على الورق والرمال
اختلطت كل الاشياء حولي
بالامس كنت خائفا
لو لامست مياه الشطآن قدمي
واليوم
انا اركب الامواج طولا وعرضا
واحط بسفينتي على مرافئ عينيها
واخطوا خطواتي الاولى
نحوها
نعم هي
انها هي
التي رسمتها بإحساسي وكلماتي
وسنوات عدة وليال طويلة
حديثنا كانت ترسمه الحروف
ويطول الحديث لساعات وساعات
لم اكن اعلم بأنه كانت لها
نبضة ضائعة بين ضلوعي
خلقت لتكون لها
لم اراها حقيقة ولم أسمعها
وعاطفتي كالسيل الجارف
بين اوراقي وحروفي
نعم انا بحار كلمات
ولكن وجودها اختزل كل الكلمات
من قاموسي
انا ادمنتها وادمنت وجودها
اكتفي بأقل الاشياء منها
حتى لو كانت رمزا او كلمة
هذه الاشياء تكفيني
عند علمي بوجودها
وتعود الاوراق ناصعة البياض
والأقلام ممتلئة بالاحبار
وعراف الكلمات
مستعد لوضع تعاويذ
الاشواق
ويصنع كل التمائم لتبقى هي بقربة
وجودها يستفز الشاعر الملهم بداخلي
لأرسمها بكلماتي
وتشدوها كل الاشياء بعالمي
واغنيها لحنا شجيا تطرب له روحي
د.كرم الدين يحيى إرشيدات
الاردن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق