الهودج ..
الليلُ يرحلُ بي لأحلام المساءْ...
والنجم يرقبني بعينِ الأصدقاءْ....
والأمسُ يسأل ذكرياتي....
عن منافي اليوم بين الغرباءْ...
والوِحدة الثكلى...
دموعٌ بلّلتْ سترَ الخِباءْ...
اواه يا زمن الضياع....
ألستَ تبكي في العراءْ...
رحلَ الزمان بأهلهِ...
وبقيتُ مثل الهودجِ المرمي بقارعة الطريقْ...
من غير حادٍ أو بعيرْ...
كالحرّةِ العزباء ...
تقضي ليلها سهداً بمحكمةِ الضميرْ...
أنْ شاقها المهدُ إلى دفئ السميرْ...
فلم تجدْ غير التوجّعِ والبكاءْ...
مرت سويعات الهناءِ...
كغيمةٍ بيضاءَ يهجرها الشتاءْ...
والفجرُ أثقل جفنه المقروح من خمجِ الحِداءْ...
مثل الربابة تشتكي الأوتارَ من عِقَمِ الرثاءْ...
فلم تعد تدري العواءَ من الغناءْ...
والبلبلُ المقرور يرعدُ طاوياً....
ويشيحُ عنْ وجهِ الحمامة ِ للغرابْ...
والصبح يحجبه الضباب ُ عن السرابْ...
والحادثاتُ تهزُّ أعطافَ الردى ...
من دون قيدٍ أو حسابْ...
وكأنّنا قربانُ صعلوكٍ يخاف من الكلابْ...
حتى نسى الذكرَ وأغرقَ في السبابْ...
وأنا وقلبي تحت جلبابِ ألغيابْ....
ننعى الخرابَ إلى الغرابْ...
والجيرةُ الشمطاءُ...تبصقُ في الإناءْ...
والأسودُ المجبوبُ...
يغزو مشرق الروحِ بأعقابِ الحذاءْ...
ويطوفُ كالسمِّ الزعافِ...
بلا وريدٍ أو جسدْ...
ليذيبَ كلَّ حواملِ الحبِّ بشريانِ ألبلدْ...
ويشبَّ نارَ ألطائفيةِ في القِددْ...
ويشدَّ أحلامي بحبلٍ من مسدْ....
فجعلت حبري من دمي ...
وكتبتُ عنوانَ الشقاءْ...
إرهابهُ كلأسودِ العنسيِّ... يضربُ بالعَماءْ...
ويحزُّ شريانَ الحياةِ...
بخنجرٍ أدمى ألحقيقةَ بالدهاءْ ...
رجعَ ألمهاجرُ من منافي ألذكرياتِ إلى ألوطنْ...
منفوخة ٌ أوداجهُ...
من قِحّة ألدنيا...
وديجورِ ألفِتنْ...
وتوقفَ ألإحساسُ...
ما بينَ المسافةِ والزمنْ...
وتمردت كلُّ القوافي...
في سطورٍ ليس تعرفها المعاني...
أوْ تفاعيلُ الوَزِنْ...
وألبحرُ أغرقَ موجُهُ...
صنّاجةَ الضادِ...
وبوحَ الشعراءْ...
ورجعتُ أسرج ضوء روحي في دهاليز الشعورْ...
وأسيرا منفرداً بوديان العصورْ...
أيامَ كانت بالسياسة راشدةْ...
وحكومة الدنيا بآيِ المائدةْ...
وليس تعرفُ في وجوه القومِ...
غيرَ الحبِّ يورقُ بالسرورْ...
ويفوحُ...خمساً...عدَّ حيّا للصلاةْالرائدةْ...
وغفوتُ كالطفل الرضيعِ من الحنينْ...
أتوسّدُ الدنيا ...وافترش السنينْ...
وأرتّلُ السبعَ المثاني ثمّ أشفعُ بالمِئينْ...
وأثوب من نومي إلى القرطاسِ ...
والحبرِ الملوّنِ بألأنينْ...
وأصيحُ في البلدِ ألأمينْ...
منْ غير سمسارٍ مكينْ...
من يشتري قلمي...
بحرفٍ من حواميمِ الهُدى...
وأُبيعهُ حبراً من الشريانِ...
تنزفه الشوارعُ من مدادِ العلماءْ...؟؟؟
من يعطني كاسَ المحبةِ ...
والعطاش المر يشرب وشلة العينِ بأقداحِ الشقاءْ...؟؟؟
وبقيةً من أمسي تلعقها الخنازيرُ اللعينة ُ...
ثمَّ تنبحني ...
بصوتِ ألإنتماءْ...
فكانها كلبٌ يعاودهُ العواءْ...
وعلى الخرائبِ بومة ٌ عمياءُ تكفرُ بالظلامْ...
فبكتْ حمامةُ خافقي...
من رنّةِ الاشجانِ في لحنِ ألسلامْ...
لحنٌ تقاذفه الضجيجُ من ألحناجرِ كالبكاءْ...
اللحن ينزف في شعوري....
أحرفَ الحبِّ ...بديوان الرثاءْ.......
ذئبٌ عَوى...
فوق الرذيلة والهوى...
والجهلُ يحتلُّ المنائرَ بالردى ...
بين الرصافةِ والجسرْ...
وطغى مؤذّنَ من طغى ....
حياّ على ألأموات ترفسُ في ألكفنْ...
حيّا على جيلٍ كعذقِ النخلةِ السمراءِ...
غادرهُ الندى...
فتساقط الجنْيُ لهزات المِحنْ...
من تونس الخضراء يلعق شهدَهُ...
كالمرأة الحبلى بمزروع ألأجنّةِ...
في أنابيبِ الفِتنْ...
وعلى ضفافِ ألنيلِ...
ترعدُ ضبيةٌ...
شاميةُ العبراتِ...
مثل الدمعةِ الحمراءِ سالت من عَدنْ...
قد هاجها الصيادُ...
في وادي ألربيع ِ...
ببيتِ شعرٍ من غزلْ...
تشكو العروبة للأملْ.....
وتعود تسكب دمعة النيل الحزينةِ....
من جفون الثورة الخضراءِ ...
حتى صار فيضاً كسواد الليل ِ ...
من أجفان بنغازي....
وهدب ٍ في مآقي السطوةِ العيناءَ...
يشخبُ بالكحلْ...
والنجمة السوداءُ تهرب عن ليالي البؤساءْ...
وأعود من حلمي...
بغصنِ الزيزفونِ...
وأطلُّ من شبّاكِ وهمي...
أحبسُ الأنفاسَ في بغداد َ ...
منْ عمّان أرنو ...أسألُ البحرينَ...
عن لحن الربابة ِ دون حادٍ أو وترْ...
من يشتهي صوتَ النشازِ الفجِّ من سمعِ البشرْ...
فإلامَ أركبُ ناقتي...
من غير زادٍ اوْ سفرْ...
وإلامَ يأخذني الحنينُ...
بدون ليلى أوْ سمرْ ...
وعلامَ يغريني المسيرْ...
وجميعُنا يمشي على جرف ِ القبرْ ...
قدرٌ حياتك يا فتى...
ومقدّرٌ ما يجري في هذا العمرْ...
كنْ أيَّ شئٍ كيفما شاءَ يكنْ...
لا ما يشاء الوهمُ من وحيَ البشرْ...
حتّى بأمرِ اللهِ كان الإختيارْ...
وعلى هدى المختارِ ينضبط ُ المسارْ...
من حادَ جارَ...
ومَن طغى بالجورِ...يقذفه الشرارْ...
هيّا أحبةَ خافقي...فلنستقمْ ...
كي يصطفينا رغمَ عثرتِنا...
المجيرُ إلى الجوارْ...
ونعيشُ في كنفِ الهدى...
في فطرة الاسلامِ...
سِلْماً أحمدياً ...
يجعل الليلَ ضياءاً مثلَ رابعةِ النهارْ...
إنّ السعادة َ أنْ تُروي نبتة َالحبِّ ....
بأسلمةِ الديارْ...
إذّاكَ تحتفلُ الحقيقةُ بالشعارْ...
ويعودُ للدنيا الصفاءْ...
ويعودُ نبضُ القلبِ يدفقهُ النقاءْ...
وهناك تلتئمُ الفصول ببعضها...
وتعود أزهارُ الخريفِ لغصنها...
ويسيلُ صيفُ العشقِ من شفةِ الشتاءْ...
وتفوح أغصانُ الربيعِ بنكهة الودِّ...
ومعسولِ ألإخاءْ...
فلمثلِ هذا أضرب الياسَ بأسواط الرجاءْ...
ولمثل هذا أخطبُ الدنيا لكلِّ العتقاءْ...
وأزفّها عرسَ الغنى والمهرُ خيطٌ من إزارِ الفقراءْ...
إنّها الدنيا فهيا نستقي الحبَّ بطهرِ الأتقياء...
وصحوت من هلعِ الضجيجْ...
وكغيمة خرساء انطقها النشيج...
زخت بصحراء النقبْ...
فتوردت فيها زهورُ الشوكِ....
والكسّوبُ...أورق خمطُه ....
ويصيخُ سمعُ العوسج البري....
لأقدام ألعربْ...
عجّ العراة ْمن الخديجْ...
والنفط يشربه العلوج من الخليجْ...
والفدية ُ العجماءُ توثقُ للثجيجْ...
هي لن تعودْ...
كالثاغيات ِ.... إلى القطيعْ...
ولن تجودْ...
لبكرِها المولودِ من زمنِ الرشيد...
بلا عهود ٍ... أو وعودٍ.... أوْ وعيدْ...
قالت وسالت روحها دمعا تلوّن بالوريدْ...
يا ايها الزمنُ البليدْ...
أنى لناموس الحياةِ...حكومةً...
تسمو بها ألاعرافُ عن قيد الحديدْ...
وليس في قوس ِ الصلاحِ من المزيدْ...
حتى يشيب الشعرُ في رأس الوليدْ...
نادوا أميّةَ...
إنُّه الحجّاجُ يبعث من جديدْ...
والفارسُ المغوارُ أعياه القديدْ...
فعلام ننقض صومنا...
والجوع والجلاد تأمره الفتاوى من عمامات العبيدْ...
عيدٌ...
وأينَ هلالهُ الميمونُ للعيد السعيدْ...
والرعدُ يبرقُ غيمُه في مغربِ الدنيا ....
ليمطرَ حقدُه...قيحا...
ويجرف سيلُه الشرقَ بماضيه التليدْ...
فعلام نقربهُ ويمضي للبعيدْ...
ونقول هلّ هلالهُ فاليوم عيدْ...
وليس فينا من سعيدٍ ...أو رشيدٍ...أو حميدْ...
اليوم عيدْ...
كلا...
فما ادراك أن الكأس شوبا من حميمٍ...؟
أو أنّه حلْبُ الصديدْ...
من ضرعِ همّاز ٍ عنيدْ...
كلا فصومُ الروحِ أولى من فطور ٍ...
يمزجُ الرجسَ بمخفوقِ الجليدْ...
ويسير مخموراً وللأرض وئيدْ...
ويهز اعطاف الحديدْ...
فكأنّه الدجالُ ذي المكر العتيدْ...
اتراه عيد الفطر هذا...
أم هو التلمود يبعث...
بالوقيدْ...
يأكلُ الأخضرَ كالسبعِ العجافِ ...
ثم يدعو الناسَ للفصحِ المجيدْ...
أفأمضي في الصحوِ أعاقر آهتي...
أمْ أسترد النوم من حظن الضحى...
وأعودُ أشخرُ من زُكامِ الفكرِ في القرن الجديدْ...!!!؟
:::
سلام جعفر