نحن وسنبقى كما نحن
د. كرم الدين يحيى إرشيدات
هي:
حبيبي،
يسألونك: من أكون؟
أنا مهرةٌ تراقص الريح بخُطاها،
تعشق الترحال في صحراء الأشواق،
ولا تلين إلا لنداء من سكن الفؤاد.
أحيا على نسمة عشقٍ دافئة،
أرنو إلى لحظةٍ تجمعني بمن اختاره القلب،
لا أُصغي لكل نداء،
وأحنُّ فقط لمن نقش وعده على جذوع الأشجار.
ربي يعلم بنقاء روحي،
التي لا ترتوي إلا بحبٍّ
يزهر في عمري كأغنيةٍ لا تنتهي.
هو:
حبيبتي،
لو لم تكوني مهرةً جامحة، لما عشقتك.
أدرك أن الأصيلة إذا أحبت،
وهبت قلبها وروحها لمن تهوى،
والحرائر لا يعشقن إلا مرةً واحدة،
وإن جُرحن، لا يلتئم الجرح في قلوبهن أبدًا.
هي:
أيا ساكنَ الروحِ ومأوى الأمانْ،
بنظرةِ عينيكَ يزهرُ المكانْ،
إذا ناديتني، هزّ الندى الأغصانْ،
وفي صوتِكَ تسكنُ ألفُ أُغنيةٍ وحنانْ،
كأنك وعدُ العمرِ، لا يُنسى ولا يُدانْ.
همساتك لا تغيب،
فهي ترافقني حيثما ذهبت،
لأنك تسكنني،
وأراك في كل شيء.
هو (قصيدة):
أُفتّش عنكِ في وجدان نفسي،
فألقى اللومَ يُطفئ بعض حدسي.
أأرجو القلب أن ينسى سهادًا؟
وقد أقسمتُ أن لا حبَّ يمسي؟
أغارُ عليّ من وهمٍ، خيالٍ،
ومن طيفِ الهوى في كل همسِ.
تسلّحتُ الجفاء وكان درعي،
ولكن ما جَدَتْ دروعٌ على نفسي.
أُحاول أن أُعيد الصمت قسرًا،
فأهوي كلما غنّى بأمسي.
فهل يأتي النهارُ يُفيق قلبي،
ويختارَ السكونَ على التنفّس؟
وإن قلتُ "أحبك"،
فإني أقولها بكل لغات الحياة:
بلغة الإنسان،
وبلغة الطير، تغريدًا،
وبلغة الزهور، عطرًا،
بلغة الشجر والتراب والحجر.
الحبُّ، يا حبيبتي،
وطنٌ نسكنه ويسكننا،
هو سكينة، هو سلام.
هي:
حبيبي،
هل ندري غدًا ما الذي سيكون؟
أيُدرِك أحدٌ الغيبَ المكنون؟
أنظر للسماء في ليالي القمر،
وأهمس لها:
هل ألقاه مع الفجر؟
أم حين يزهو البدر في الأفق البعيد،
وتنساب نسمةٌ كالحلم الوليد؟
تعانق قلبي،
تُطفئ لهيبه،
وتهمس: سيعود حبيبُه.
فأحيا الرجاءَ بقلبٍ نقي،
وأنتظر الفجرَ بشوقٍ شذي.
حبيبي،
إن كنتَ تسكنني، فذا قلبي مقامُك،
وروحي في غيابك لا تنام.
أراك في الحنين، وفوق وجهي،
وفي مرآتي البيضاء، وسلامُك.
فلا تسألني عن الهوى،
ما كنت أدري سوى أني عشقتك، واستقام كلامُك.
أحببتك بعفويتي، بروحي،
كما النسمةُ تحنو، لا يُلام غرامُك.
تسري بصدري الذكرياتُ فتُحييني،
كأنك نبضُ قلبي وانسجامُك.
أنا إن ضعتُ، ما ضعتُ بصدقٍ،
ولكني أضيع إذا غِبت، فدامُك
عهدٌ عليّ: إذا الهوى ناداك،
أجيء بكل شوقي وابتسامُك،
ولو خذلتني دروبي وارتباكي،
أعود إليك، يحضنني سلامُك.
ففيك النورُ إن عمَّ الظلام،
وفي عينيك تهدأني الغمامُك.
نحنُ كما نحن، لا شيء تغيّر،
سوى أن الهوى زاد احترامُك.
هي:
حبيبي،
أيا نبض القلب في صمت المساء،
أنت الحنين إن تاه الدواء،
وفي حضورك يسكن الوجد الرجاء،
وإن غبت، صار الليل يسأل عنك ضياء،
وإن أتيت، تنفّس العمر هواء.
هو:
أحن إليك، وأبحث عنك
بيني وبين نفسي،
وبين ملايين الوجوه من البشر،
وفي دفاتر أيامي،
بين كتبي التي خططنا حروفها أنا وأنت،
وفي أيام عمري.
ويأتي القلم ويسمّي الأشياء باسمها،
ويذكرنا بمن نحن،
ويهمس بكل القوافي لك،
ولا يريد أن يكتب اسمك إلا بلفظ: "حبيبتي".
وتثور علينا الحروف،
وتمنعنا الأبجديات،
وينتهي بنا المطاف بعناقٍ
يكسر أضلعنا لحرارة اللقاء بعد غيابٍ
لم يدم إلا دقائق معدودة.
نحن سنبقى كما نحن، حبيبتي،
نسرق من الأحلام حلمًا فُصّل على مقاسنا،
لا نطمع بأكثر من أمنيةٍ صغيرة
تتحقق بعفويّة قلوبنا.
نحن لا نطلب أكثر مما قسمه الله لنا.
حُلمنا بسيط، لكنه يحمل كل معاني الجمال.
نرسم به أمانينا،
ونرسم خطوات الغد بمحبتنا.
نُغمض أعيننا،
قريري العين، هانئي البال،
لأننا نحن... على سجيتنا،
ننتظر القادم بأمل،
نطرز نقوشه بأيدينا
د.كرم الدين يحيى إرشيدات
الاردن