زحام ساخن ...
............القاص/أدهام نمر حريز.
أراقبه من بعيد متستراً بظلال شجرة وحيدة على الرصيف بلا عنوان في تقاطع من تقاطعات شوارع مدينتنا المزدحمة الغارقة بالفوضى.
اترقب موعد رحيله القصير لقضاء حاجته الادمية، أتأبط كيس ملفوف فيه قميص أبيض وقبعة تشبه القبعة التي يرتديها.
مازال شامخاً بوقوفه وسط سراب الحر المنبعث من الجير الأسود الذي تعانقه الشمس من لحظات شروقها الأولى الى المغيب.
لحظات حتى بدأ يتململ من وسط جموع أرتال الحديد.
انتهزت فرصة انشغاله لأرتدي قميصي الأبيض واعتمر القبعة.
أصبحت الان أتقمص دورة وسط الشارع، حذاي الأسود و بنطالي الأزرق.
رحت الوح بيدي للسيارات المصطفة بعشوائية.
-ممنوع المرور من هنا.
-اترك الممر الأيمن خاليا.
-ارتدي حزام الأمان.
-لا تسرع، لا تستخدم المنبه بصورة غير مبررة، أنتبه، سلامة المركبة. سلامة الراكب، سلامة المشاة.
أحدهم لم تعجبه الارشادات فاخذ يصرخ بصوت عالي (أبن الكحبة) وأسرع بمركبته متجاوزاً الجميع.
صاحب العربة الذي اوقفها وسط الشارع راح هو الاخر يدخل في دائرة تبادل السب والشتم مع أصحاب المركبات المستعجلة.
بعد مضي خمس دقائق فقط بدأ جسمي يترنح كالسكران، الشمس اليوم والحرارة يحتفلان على رأسي ويعانقان جسدي بلفة ساخنة.
مرت من أمامي أمرأه باتجاه معاكس للسير.
=الى اين يا سيدتي؟؟؟!
هذا ممنوع
لم تستطع ان تخرج رأسها لتبصق نحوي. اكتفت بان ترمي على قنينة ماء فارغة.
لحظات ولمحته من بعيد، وهو يعدل هندامه بعد استراحة قصيرة.
أسرعت مغادراً نحو مخبئي. وأنا ألف القميص مرة أخرى واضعه في الكيس هو والقبعة.
وقف كالطود الراسخ في وسط الشارع، يبتسم وهو ينظر نحوي، وكأنه في تحدي دائم لي.
.................................../
أدهام نمر حريز
-بغداد 2019/7/4
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق