الأربعاء، 22 يناير 2020

ج2 من قصة {{ الوقحة }} بقلم القاص العراقي القدير الاستاذ {{رعد الإمارة}}

(الوقحة/الجزء الثاني) 
رحت أجر اقدامي خلفي في طريق العودة للفندق،لم أكن متعبا بقدر ماكنت محبطا! فأحلامي الكبيرة اصطدمت بالواقع، نعم كنت فقيرا.  كان علي الاغتسال أولا ، ثم التفكير في وجبة الغداء التي لن تختلف كثيرا عن سابقتها! رز وسبانخ وبعض البصل الأخضر، وكانت الواجهات الزجاجية لبعض المحلات في طريقي تناديني بقوة، ياه،ثمة إغراء عنيف تمارسه تلك الأحذية المعروضة والقمصان الفخمة على أمثالي من البشر! تنهدت بقوة وانا احدق بصف الأحذية التي كانت تلمع بقوة خلف الزجاج اللعين، ليس ثمة فائدة من الأماني الفارغات، هكذا فكرت قبل أن اتابع السير. إخترت مقعدا في زاوية قرب الواجهة الزجاجية الكبيرة للمطعم، الله، البخار الفاتن يتصاعد من طبق السبانخ، وفي الخارج ثمة قطرات مطر راحت تطرق الزجاج بخجل. لا أعرف كيف! لكن الشعر الأجعد وملامح الوجه الوسيم والعيون الواسعة الوقحة، أطلت، حتى أنها ارتسمت بصورة جلية على الزجاج، أشحت بنظري ،رحت أدير الملعة في طبق السبانخ وانا اهمس لنفسي :
-قليل من الجنون لن يضر. في الصباح استيقظت مبكرا هذه المرة، كان الطقس يشع برودة، تصفحت وجهي في مرآة مغسلة الفندق الخارجية، لطيف، إن وجهي طافح بالوسامة😊،تذكرت وانا ارتدي ملابسي بأن لا أنسى دفتر ملاحظاتي ذو الغلاف الأسود، رحت اقلب في الكتب المنهجية، إنها ثقيلة، طيب لنكتفي بدفتر الملاحظات فحسب! في الخارج كان البخار يتصاعد من أغلب أفواه المارة، نفخت في اصابعي، حسنا لدي بخاري الخاص بي أيضا! توقفت عند ذات المطعم وصاحبه السمين الذي رحب بي وهو يفرك يديه، طلبت حليبا وقطعة كيك ذات ألوان زاهية. رميت بالعلبة جانبا بعد أن أشعلت السيجارة الأخيرة، رحت انفث الدخان وانا اغذ السير صوب الكلية التي راح يلوح بنائها الأبيض أمامي، توقفت قليلا مع رفاقي، راح بعضهم كالعادة يضحك بصوت عال وهو يتلفت!تبا،ذات الطريقة لجذب انتباه الفتيات، اللاتي راح اغلبهن يحدقن فينا بأستنكار مشوب بالاشمئزاز! كان الأستاذ الشاب قد أخذ يذرع ممر قاعة الدرس بنشاط، وهو يشرح غيبا إحدى محاضراته بصورة اخاذة استحوذت على اهتمامنا، رحنا نصغي، بعضنا كان يتنهد أو يبتسم، أما البعض الآخر فأخذ يختلس النظر لأي حركة تبدر من البنات!. هذه المرة لم أتوقف في الممر مع أصدقائي، كان نادي الكلية يلوح أمامي، رحت ادور حوله فحسب، لم اتجرأ على الدخول، كل شىء هنا كان  باهظ الثمن! ثمة من ينادي بأسمي، التفت للخلف، ياالهي، جمدت في مكاني، إنها هي! وقد عرفت إسمي أيضا! تقدمت نحوي وقد اشرق وجهها عن أجمل ابتسامة بغدادية، راحت تتنفس من أنفها وقد عقدت مابين حاجبيها بتقطيبة فاتنة، قالت :
-هذا الصباح انت أفضل، لم تخفض بصرك، لقد بحثت عنك، ارشدني واحد من أصحابك. قالت هذا ثم غمزتني بطريقة جعلت كل جسدي يرتجف! أدارت عينيها الواسعتين صوب بناء الكلية، كتمت ضحكة، همست :
-بعضهم ينظر نحونا من خلف النوافذ، امممم، حتما أحدنا مشهور! تعال معي، لاتضيع الوقت. مشت أمامي فتبعتها دون تردد، كنت منقادا لها بقوة خفية، رفعت ياقة سترتها الضيقة، قالت دون أن تنتظر ردا مني :
-لقد بدأت تبرد أكثر. سيقظى علي حتما، ياللعنة! إنها تقودني نحو نادي الكلية، وضعت يدي في جيوبي، حاولت أن احصي ما معي من مال، اوه لافائدة، سيتوجب علي إلغاء بعض الوجبات من قائمة طعامي اليومية.  انتبذنا ركنا بعيدا ومنزويا،كانت خبيرة في المكان! ثمة غيرنا أيضا، حدق بعضهم بفضول ثم عادوا لما كانوا عليه، قالت وهي تجلس بعد أن وضعت ساقا على ساق:
-أنت اليوم ضيفي، لاتقل شيئا أرجوك. قالت هذا ومست كفي الممدودة! سحبت اصابعي بعد أن هزتني قشعريرة عجيبة، لاحظت حركتي فبرقت عيناها والتمع السواد فيهما بصورة مذهلة، همست :
-سنتغيب كلانا عن هذه المحاضرة القادمة، لاتقل انك ترفض، سأنحب أمامك وأمام الجمع هذا. ياربي، ماهذه البنت، رحت أتلفت وقد شعرت برجفة، لو أني رفضت ستفعلها،جنونها واضح ويطل من عينيها الآن، رفعت حاجبها، كان النادل العجوز يقف فوق رأسينا، طلبت لنفسها قهوة وقطعة كبيرة من الكيك بالقشدة، أما أنا فقد اكتفيت بكوب من الشاي الساخن، قلت لها بعد رأيتها تزم شفتيها الحمراوين :
-لقد تناولت فطوري، أقسم لك. رحت اختلس النظر إليها، كانت جريئة حتى في طريقة تناولها للطعام، لم تكن تبالي بأي شىء، مابين رشفة وأخرى من فنجانها الطافح كانت تسرح في ملامح وجهي الوسيم😊😨. (انتهى الجزء  الثاني ويليه الثالث والأخير 😤😡)

بقلم /رعد الإمارة /العراق 
22/1/2020

ليست هناك تعليقات: