اليأس ..
سعد الساعدي / العراق
كان مولعاً بمشاهدة الأفلام الأجنبية كثيراً؛ سعى للتعلم مما يشاهده أكثر من الاستمتاع بما يرى. ذات ليلة وهو يستمع لعجوز تتكلم مع حفيد لها في فلم انتظر عرضه منذ أسبوع :
-أنك قوي وشجاع يا صغيري، تمتّعْ بحياتك واصنع لك منها مجداً مهما جابهت من المخاطر.
جال بعدها بفكره طويلاً متذكّراً جدّته وهي توصي أحفادها بعدم الخروج في المساء لئلا تأكلهم "السعلوة"* ، وعدم السباحة في النهر مخافة أكلهم من " عبد الشط"** ..
ضحك كثيراً وهو يعيد تلك الصور البائسة لمخيلته، وبعد صمتٍ لاحق أضاع منه بعض مشاهد الفلم قال مع نفسه: أحاول ما أمكنني تربية أولادي بعد الزواج على النهج القويم بعيداً عن الخرافات وما أوحاه الدجالون للعامة عبر مسيرة طويلة من الزمن.
نال حظه بزوجة كريمة طيبة أنجبت له طفلاً مؤنساً في الوحدة وساعات الفراغ بعد العمل، شبَّ الطفل سريعاً ليراه الوالد وقد وصل قبيل المرحلة الجامعية فأراد اعطاءه دفعة معنوية جديدة بعدما أغدق عليه طيلة أعوامٍ حبّاً ناصعاً، وتربية تليق به وبذويه.
قال الوالد محاوراً : أرى فيك مهندساً ناجحاً بعد أن تلتحق بكلية الهندسة التي طالما أحببتها ليس لأني مهندساً، بل لأن أجمل بناء في الدنيا ما كانت هندسته صحيحة.
نظر الولد لأبيه متسائلاً باستغراب على غير توقع الأب:
- ما فائدة شهادة معلّقة بمسمار على جدار كئيب تنظر لي بصمت، وأنظر اليها بخجل؟
........
*، ** السعلوة وعبد الشط كائنان خرافيان تخيف بهما الجدات في العراق أحفادهن كي لا يلعبوا في الطرقات مساءً أو في برك الماء والسباحة في الأنهر صيفاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق