شَدوُ اليمام
أغازلُكِ فأكتبُ فيكِ شِعرا
وما روحي بوهْجِ هواكِ حَرّى
بيَ الشَّجَواتُ أقربُ من وشيكٍ
إذا أستدْعِها يَحضُرنَ فَورا ١
ولي بَصرٌ حَديدُ إزاءَ شعري
يُكَشِّفُ عنه أغطيةً وسِترا ٢
عَليَّ عَدَتْ جُفونُكِ ضارباتٍ
رواجمَ كلّ شيطانٍ تجَرّا ٣
أنا وهوايَ والمَشغوفُ حُلْمي
توَهَمْنا عليكِ الحُسنَ طُرّأ
تَهامَسنا، عَشيَّةَ كانَ صَبوٌ
يُلاعجُ فيكِ أخيِلَةً وفِكرا
يراقصُكِ كأنكِ غُصنُ بانٍ
ذَوَتْ أوراقُهُ حتى تَعَرّى
تَمايلَ في مَهبِّ الريح يَحنو
عليهِ قَوامُهُ ليَقِفَّ كَسرا
يغورُ شموخُهُ ليَبينَ ضُؤلٌ
بهِ وشمُيمُهُ ما ذَرَّ عِطرا
شدا شدوُ اليمامِ بوادي شعري
فأتبعكِ البيانُ غَوىً وسِحرا
أهيمُ هِيام غاوٍ فيكِ لكنْ
بقولِ الله لا تدرينَ خُبْرا ٤
أُلَبيكِ التياحَكِ من سُعارٍ
يكادُ اتونُه يا وجدُ يَضرى ٥
وما اضْمَحْلَلْتُ في جَفنيكِ ذوباً
ولا اُلبِسْتُ مِثلَ جميلَ وِزْرا
ولا كآبنِ المُلَوَّحِ تُهتُ هَيْمَاً
ولا عَرَج المَسافُ اليكِ شِبرا
وما أقسَرْتُكِ غَزَلي ولولا
طَواعُكِ لي لَما ألقيتُ عُذرا
بكِ أنا شاعرٌ لَعِبَتْ شَمولٌ
به شَمائِلٌ عَقَرتْكِ سُكرا ٦
فإن شاغَبتِهِ تُلفيهِ نَسراً
وإن نادَمتِهِ تجديهِ صَقرا ٧
يُذيبُ اللاهياتِ نجاهُ غِرَّاً
ويَدنِفُ صابياتِ العشق غُرّا ٨
به تيمُ اليمامِ وليس يُخشى
على يُسرٍ بها في الوجدِ عُسرا
فيبسِطُ جانحيهِ لتسمو فيهِ
سُمُوَّ النارِ للعلياءِ سَبرا
وهل يَخفى على الأحبابِ شَجوي
وبي دمعٌ ذَلولٌ حيثُ دَرّا
مَعاذِرَ تَيمِكِ يا وجدَ إنّي
هَوايَ قَضَيتُ رَهنَ سواكِ حَكرا
ألَمْ تشكي هَوانَكِ لي لتَجلي
عن اللّوْعاتِ في الغَدَراتِ سِترا
يجُرُّ عليكِ من بُرْحٍ لِهافَاً
ومن داعي البُروح عَليَّ جَرّا
ولا نطقَ اللسانُ سوى عَزاءٍ
رأيتُ بحُبِّكِ المَقتولِ أحرى
وما لي في الحَشا صَخْرٌ ولكنْ
هو القلبُ الذي وَفّى فَبَرّا
ألا ورِثايَتي للشعرِ عَجزٌ
إذا لم يُلبِسِ العُريانَ أزرا
شرحُ المَتن
١. الشَجَوات:- جمع شَجوَة، النَوْحة، الَشجَن- النواح الحزين.
٢. بصرٌ حديد:- إشارة للآية الكريمة، فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد، ق/الاية ٢٢
٣. عَدَتْ:- تابعت عدوانها، في البيت إشارة للآية الكريمة- وجعلنا النجوم رجوما للشياطين، الصافات/ الآية ٥.
٤. في البيت إشارة للآية الكريمة- الشعراء يتبعهم الغاوون ألم ترَ أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون إلّا الذين آمنوا، الشعراء/ الآية ٢٢٤.
٥. الألتياح، التاحَ- عَطِشَ.
٦. الشَّمول:- الخمر، الشَّمائل- الخمور.
٧. إشارة إلى طعام النَسر وهو جيَفُ الحيوانات، أما الصقر، طرائدُه من لحوم الارانب والحَبارى والغنم الذي يصطاده ويأكل لحومَها، في إشارة لمن يلعب في علاقاته للمتعة، وآخر صاحب الأحساس والمشاعر الصادقة.
٨. النَّجا:- ترديد عبارات الغزل وما يدور بأفكار الشاعر بطريقة يخاطب فيها شخصية غائبة، أو أي شيئ مجرد، الغِرّ- في صدر البيت هو ذو الغَفلة وقلّة الفِطنة، وفي عجزِه، الغُرّ- هو من يسود بالشرف والكرم.
حسام عبد الكريم/ العراق