عدالة السماء * بقلم محمد حسينو*
تيك . تاك . توك . تاك . توك . تيك
على صوت ماكينة الخياطة إستيقظ محمد الأن الأكبر لأمينة .
نظر بإتجاه الصوت ليرى أمه منكبة على قطعة قماش مزهرة كزهر الربيع في قريته التي هجرها
قام من فراشه الذي هو قطعة اسفنج تقاسمها
مع أخيه الصغير
قال : صباح الخير يا أمي
وبدأ بإرتداء لباس عمله
ردت عليه: صباحك خير وسعادة يا ولدي
إنتظر قليلا لأجلب الخبز حتى تفطر
قال : سلمت يداك اليوم سنفطر في الورشة على حساب المعلم .
خرج من المنزل برفقة دعاء أمه بالأمان والتوفيق
بعده إستيقظت فاطمة ذات الخامسة عشرة ربيعا وهي تتمطى قائلة لأمها :
صباح الورد مامي
ضحكت الأم وردت: صباح الفل والورد البنور
وبدأت الدموع تترقرق في عيونها داعية لها بالسعادة والأمن وأن يرزقها أبن الحلال
فهي جميلة القد مبتسمة المحيا نافرة الأنوثة
بياضها كبياض الياسمين وصدرها كحمامتين
تستعدان للرحيل
تنحنح جاسم الأب المقعد لإصابته برصاصةأسفل ظهره أدت لشلل نصفي
وهذه دلالة لحاجته للمبولة لقضاء حاجته
إسيقظ باسل ومهند يبكيان :
أمي بدنا نأكل جوعانين
قامت الأم تقول انتظروا لأحضر ربطة خبز
فتحت حافظة نقودها فلم تجد إلا خمسمئة ليرة سورية وربطة الخبز بألف
قالت في نفسها أستدين الباقي أو أشتري نصف ربطة .
خرجت وهي تبكي وتفكر كيف كان حالها قبل
ما حصل في قريتها بل محافظتها ادلب بل بلدها سورية
كانت كالأميرة في بيتها ذو أربع غرف وحديقة تتدلل على زوجها ولا يرفض لها طلب كل أولادها كانوا يدرسون وهم أذكياء ويتنبأ لهم بالمستقبل الزاهر
إلى غرفة تحت الدرج ومنتفعاتها
شاهدت جماعة من الناس متجمهرين بالقرب من نافذة وأصواتهم تعلوا أعطني حصتي
سألت :ماذا يوجد هنا
أجابها احدهم :توزيع خبز من الجمعية
إستبشرت خيرا وتقدمت حيث لم يكن هناك نساء
طلبت من الرجل ان يعطيها ربطة او ربطتين
قال لها : ليس لك إسم بالجدول إبعثي زوجك أو أخوك أو أبن كبير الى الجمعية وسجلي إسمك ظنا منه إنها أرملة
قالت : تقول زوجي وهو مقعد في الفراش
أما أخي فلي أربعة أخوة لا أعرف أين هم
تقول أبني فأولادي الكبار قتلوا كشهداء
قال إنتظري على طرف إن لم يأتي احدهم أعطيك ربطته
إنتظرت مقابله حتى إنتهى الجميع فصاح عليها
تعالي خذي ربطة وقبل أن تقطع الشارع إليه
اذا بسيارة كبيرة ذات زجاج اسود تضرب فراما أمام النافذة
ويقول للموزع إعطني ربطتي أخذها وإنصرف
تحوحلت بالله ومشيت لتشري من الدكان
وفي هي طريقها تبكي ومن حسن حظها لم تلحظ أحدهم خارجا من باب منزله إصطدمت به وكادا أن يقعا دون أن تعتذر منه
قال لها :لا عليك يا إبنتي... مالك؟
قصت له حكايتها إبتسم وحمد الله
وقال لها فرجت ان شاء
ومد يده على جيبه واخرج كمية كثيرة من النقود
وقال لها : هذه لك وكل يوم تذهبي الى السوبر ماركت وتأخذي ربطتي خبز
فهذه النقود ندر علي ان أعطيها لأول واحد فقير أراه خارج منزلي لأن زوجة إبني قد ولدت توأم ذكرين بدل واحد
وكنت انت وأما الخبز فهو صدقة لك حتى تفرج
ذلك بعض ما يحصل من مٱسي في ادلب السورية المكلومة والحزينة وتلك القصة من الواقع المعاش
بقلمي محمد حسينو *سورية*6/9/202