هل يعدل الشهم عن دار العلا بدلا
..
أقوى قصائد الفخر
..
ركب الأحبةِ قد يسري بلا قمرِ
...
ركب الأحبةِ قد يسري بلا قمرِ
إن سار فيه وضيءُ الوجهِ والبشرِ
سعى الفتى إثرَهم لهفًا على عجلٍ
قد أذهبت لبَّهُ الحسناءُ من مضرِ
بيضاءُ قانيةُ الخدينِ إن خجلت
لطيفةُ الخصر بين الطولِ والقصرِ
كأنّ أنملةً تعضها مرحًا
رئمٌ بأتلعهِ عقدٌ من الدُّرَرِ
تكاد تعصر أعظامي إذا عصرت
لها الأناملُ ألطافًا من الثمرِ
يكاد يخضرُّ من قربانها حطبٌ
بعد الربيعِ وما في الدهر من خُضَرِ
وأطيب الناس أنفاسًا ببسمتها
وقد بدا فمُها كالخاتمِ العطِرِ
تغري المدامةُ في أنيابها طَرِبًا
لا يستفيقُ ولا يهوى صدا السَكَرِ
لو أُسكِبَت بفلاة الأرض قربتُها
عاد جنانًا نضيجاتٍ من السُؤَرِ
كأنما الدهر أهداها مؤانسةً
من وحش وجرة أحداقًا من الحوَرِ
وفي الحِداقِ فتورٌ لو تناظرها
لما بقى عوجٌ من أحولِ النظرِ
الروح تألفُ ما لم تلقَ صورتهُ
والقلب يعشق قبل السمع والبصرِ
حبًّا فإنّ نياط القلب مولعةٌ
والحرص لا يحتمي حرزًا من القدرِ
والقلب بعد اللقا لم يقض ناظرُهُ
شوق الأحبة قبل البين من وطرِ
لو قُدِّرَ الخلدُ في الدنيا لما ارتحلت
تلك الركائبُ قد حُمّلنَ بالصوَرِ
يُخشى السقامُ لمن آنسنَ وحشتَهُ
لا والذي فرّقَ الأحبابَ بالسفرِ
سار الأحبة قبل الفجر وابتعدوا
وأودعوا القلب ما يبقى مع النُشَرِ
فأصبحت دارهم قفراءَ خاويةً
فيها الرمادُ ولفحاتٌ من القَتَرِ
أمسى الفؤاد على آثارهم دنفًا
كأنه غارقٌ في لجة الغُمَرِ
تحلّبَ الدمعُ من عينيهِ محترقًا
بثًّا تشبهت الأحداقُ بالدِّرَرِ
من طاب عيشًا أتاهُ الخطبُ محتشدًا
فيفزعُ القلبُ من بلواهُ للذِّكَرِ
والمنهلُ العذبُ لا يبقى لشاربِهِ
والأمُ قد تهجرُ الأولادَ في الصِغَرِ
تغير العيش والدنيا برحلتهم
والدهر منقلبٌ للصفوِ بالكدرِ
أسامرُ الهمَّ عند النوم مجتنحًا
قد عاقد البينُ بين الهمِّ والسهرِ
شتان مَن فارق الحسناءَ ناظرُهُ
ومن يرى دارَهُ نامت على المدرِ
كأنّهم بركام الدارِ إذ خربت
بجنة الخلدِ قد ناموا على السُّرُرِ
ذاقوا الأسى واللظى في الدار فانيةً
لا يُسحَبون غداةَ البعثِ في سقرِ
كانت ملاعبَ أحبابٍ قد ازدهرت
ملاعبَ الأهل في الأمصارِ كالغررِ
قوارعُ الدهر ما انفكت هواطلُها
ترمي مغانيَها بالموتِ كالمطرِ
تلقي بناتِ الأسى فيها كمظلمةٍ
لانورَ فيها سوى النيرانِ والشررِ
جاروا عليها وجاروا في أحبتها
حتى المنارةُ لم تسلم من الضررِ
شحّت مياهًا وحتى النخلُ قد يبست
من السمومِ وأطوارًا من القِرَرِ
ضاقت عليهم فجاجُ الأرض واسعةً
سُدَّ الورودُ وما يرجون من صدرِ
وزعزعتهم بناتُ الدهر لو ضربت
غيرَالأعزّةِ ما أبقينَ من بشرِ
لكنهم علّموا الأعداءَ قاطبةً
لا يُهزَمون ولا يخشون من حصرِ
قد سايروا الخطبَ كالأجبالِ شامخةً
ويهزمُ الشرُّ فرَّارًا على الدُبُرِ
تقرُّ أعينُ مهووسٍ بموصلنا
ليس المعايَنُ في اللأواءِ كالخبرِ
لا يعدمُ الفخرَ من كانت منازلُهُ
تأتمُّ قصّادُها الآحادُ بالزُمَرِ
حسبُ الأحبّة أنّ الناسَ تقصدُهم
إملاقَها وائدًا في الحرِّ والخَصَرِ
هم السعاةُ على مَن حلَّ ناديَهم
لا يعبسون ولا في الخدِّ من صعرِ
لا يُعظِمون ولا يخشون نافلةً
تُعطى ولا نغّصوا بالمنِّ والكدرِ
قوارعُ الدهر لم تكسر شكيمتهم
لا يسأمون ولا يُعنَون بالضجر
وكلُّ أيامهم غرٌّ محجّلةٌ
فمَن يفاخر بالتحجيل والغُرَرِ
لهم سوامقُ يعلو النجمَ باسقُها
وعودُ شانئهم ذاوٍ على الخوَرِ
تسربل المجدَ عند الفخر فارطُهم
وفارطُ الناس لا يرجو سوى الأثرِ
الأرضُ تُحسَدُ أن كانوا قواطنَها
والطينُ يحسد ما خطّوا على الحجرِ
مَنارُهم بطريق المجد هاديةٌ
وشانئُ المجد لا يُهدَى من العوَرِ
فنحن كالنخلِ لا يهوي لنا سعفٌ
وإن تقصّدنا الأعداءُ بالعسِرِ
ونهرُ دجلةَ مازالت مواردُهُ
تشفي المحبينَ كالمركوضِ للضرَرِ
همُ الذين ببطن الحوت عابدُهم
قد سبّحَ الله فاستعلى على الظفرِ
وأخرجَ الحوتُ من أعماقهِ رجلًا
الذاكرَ اللهَ دون الناسِ بالنهرِ
لا يحملُ الحوتُ في أقفاصهِ رجلًا
مفتاحهُ يفتحُ الأغلالَ بالسَحَرِ
وظللتهُ من اليقطينِ مورقةٌ
كالجفنِ حانٍ على الأحداقِ من خطرِ
تبرّكَ التربُ مغبوطًا يلامسهُ
وربَّ بائعهِ جهلًا من الغَرَرِ
هل يعدلُ الشهمُ عن دار العلا بدلًا
دارِ ابن متَّى وأجيالٍ من الوُقُرِ
..
رابطها مسموعة https://youtu.be/kCK9oojScdE
