.أججتَ فيَّ مواهبًا ومشاعرا
...
.أججتَ فيَّ مواهبًا ومشاعرا
وغرستَ فيَّ عزائمًا ومفاخرا
وبدوتَ للدنيا كبدرٍ ساطعٍ
فأنرت أقطارًا وكنَّ دياجرا
وزرعتَ في جدب الزمان وقطحهِ
نخلًا يسرُّ نواظرًا وضمائرا
وسقيتَ بالغيث المبارك طلعَهُ
حتى تجلّى للنواظر ناضرا
تعيى العقولُ إذا نظرنَ لعزمهِ
ميتًا يعبُّ من الصديد محابرا
يمحو بهنّ عن الفؤاد همومَهُ
وتعودُ أعظمُهُ الرميمُ نواشرا
عرّجْ على دارالأحبة وانتحبْ
لبس الطلولُ من الربيع مآزرا
لم يبقَ من آثارهم بعد النوى
إلا المواقدُ واقتربنَ دواثرا
فسكبتُ عبرات الأحبة ما انقضت
مازلتُ في كبدٍ بهنَّ مصابرا
فأنا عراقٌ في المصائب والبلا
أسمو على ريب الصعاب مكابرا
ولربَّ واحدة الكلامِ على الفتى
تدع الجروحَ البارئاتِ كواشرا
تدع العيونَ الساكناتِ من الأسى
مثل الغيوم على الخدود مواطرا
تستلُّ أفراحَ الفتى وتشلُّهُ
مثل السيوف إذا أصبنَ خواصرا
حتى الجفونُ تحطُّ من أهدابها
مثل الرماح على العيون شواجرا
ما هدّني تعبٌ وقولةُ قائلٍ
أنّي أظلُّ مع الصعابِ مثابرا
أني أبيتُ على الطوى ومجانبًا
سقطَ المتاعِ وقد هجرتُ مفاجرا
أني حبستُ من الكلام عبيدَهُ
وتركتُ رباتِ العقولِ حرائرا
يأسرن بالسحر الحلال ضراغمًا
مثل الرئامِ إذا حبسن قساورا
هذا القريضُ إذا دعوتُ أجابني
إني بقيتُ مع النوائب شاعرا
إني نظمتُ قصائدًا لا تختفي
مثلَ النجوم الطالعاتِ زواهرا
وأصونُ وجهًا أن تباحَ مياهُهُ
ولو امتلئتُ متاعبًا وخناجرا
شهمًا إذا لاقى الأمور شدائدًا
برحيب صدرٍ يستحلنَ مياسرا
وأعيشُ في أقسى الظروف معممًا
في مثلها تبدو الرجالُ حواسرا
يتجنبون الدربَ حين مرورها
وتصدُّ عنها الناظراتُ تشازرا
والحرُّ لا يثنيهِ ما هاب الأولى
يغشى الصعاب ولا يهابُ عواثرا
جادت به الأيامُ بعد مشيخها
للناظرين وقد حُسبنَ عواقرا
ألقى بساعدهِ الإزار مشمرًا
مستصحبًا قلبًا وعزمًا قاهرا
صان الجبين عن الدنيّ وقد رأى
شتى الجباهِ على الدنيّ عوافرا
مستصغرًا تعبَ الحياة وضيقَها
لم تغرهِ بالمغريات غضافرا
مثلَ المباردِ قد شحذنَ حسامَهُ
فخطا به مجدًا وذكرًا عاطرًا
إنّ الهمامَ وقد تباعد خطوُهُ
يلقى كبيراتِ الخطوبِ صغائرا
يقضي النهارَ متابعًا أقواتَهُ
والعقلُ يسبحُ في العلوم زواخرا
ويظلُّ يقرعها ويفتحُ بابَها
حتى ينالَ من البحور جواهرا
ألقى بصحراءِ الحياةِ بعاعَهُ
ومضى إلى دار القرار مسافرا
أوتيتُ من فصل الخطاب حكيمَهُ
فعمرتُ من صاري البيان منابرا
ومن السفاهةِ أن يسبَّك جاهلٌ
فتصدُّ عن مسعى الكرامِ تشاجرا
أو أن يعيبك حاقدٌ متربصٌ
فترى به اليوم الجميلَ قماطرا
أو أن تنال من الكسولِ مدائحًا
فتصدُّ عن طلب المزيد تكاثرا
لله درُّ الحادثاتِ فلم تزلْ
تجلو إلى الدُّرِ الدفينِ بصائرا
عادٍ إلى العلياءَ مبلغَ جهدهِ
عدوَ الجياد إلى الرهانِ ضوامرا
ويصمُّ آذانَ الكمي عن الخنا
قول البغاة الشاتمين قساورا
المبخلين السابقين إلى الندى
والمكرمين ربيبَ شحٍّ ماذرا
ماذا أردتَ من الكميّ تهيجُهُ
بلواذعٍ تدعُ العظامَ مجامرا
ونكأت جرحًا بل جروحًا قد خلت
أيامُ تنكى قد حسبنَ دواثرا
بنتُ الشفاهِ على اللسانِ خفيفةٌ
وتشلُّ من أقوى الرجالِ مفاقرا
أيظلُّ مثلك في الزمان مرزّءًا
وترى المناصب قد غدونَ متاجرا
لستُ الذي يعطي المناصبَ همَّهُ
ويعبُّ أفواهَ الطماعِ فواغرا
إنّي أظلُّ على الصرير منافحًا
وأصيرُ في لفح الهجير هواجرا
لابدَّ أن ياتي النهارُ بصبحِهِ
فيزيلُ عن وجه الحياةِ دياجرا
...
🇮🇶 الشاعر عبد القادر الموصلي
🌴🌴🌴🌴🌴