انا كلُّّ هذا وأكثر
أنا تلك الشابة التي خرجت من بيت أهلها لتلقي الدنيا في وجهها كل ما في الكون من غثٍّ وسمين. انا هي التي انتقلت من ملاعب الطفولة ومرابع الصبا إلى مكان لم تألفه وأناس لم تعرفهم. انا هي التي سارت في شوارع لا تعرفها وشاهدت وجوها لم تعهدها. انا تلك المرأة التي أسست بيتا دون ان تجد أمها رديفا لها. انا تلك التي لم يحضر إخوتها زفافها ولم تغني لها صويحباتها. انا من صارعتْ عواصف الحياة الجديدة وحدها دون أكتاف تسندها. أنا تلك المرأة التي خاضت تجربة الحمل والولادة بكل أوجاعها وغثيانها وآلامها ست مرات دون أم تتعهد وجعي ام أو قلب حنون يمسح عرقي. انا من كنت أبكي وحدي بلا صوت بين ثنايا الظلام. انا هي التي لم تجد نصيحة حول الأمومة الحديثة العهد ولم تدري كيف أو من أين تبدأ. انا من أغلقت بابي في الأعياد لان الزوار لن يأتوا؛ وأنا من أفطرت 30 يوما دون دعوة على مائدة أبي أو أخي. انا من سهرتْ على أطفالها حتى الفجر ومن ثم أخفت السواد تحت أجفانها بمسحة كريم لتبدا يومها المُضني في العمل. انا هي التي كانت تعمل نهارا وتذاكر لأطفالها حتى من منتصف الليل وتنام عند اول كلمة لها في دعاء النوم. انا ومن وقفت كالطود امامكم وقلبها ينتحب. انا تلك المرأة التي بَنتْ من جماجم الخذلان كومة تصعد فوقها لتصل القمة. اما من انتفحت أجفانها بعد انتهاء نوباتها الصباحية في العمل والليلية في المنزل وأفردت ساعة لتؤلف كتابا او لتحقق ذاتها وتجد نفسها بين الحروف وهي تكبو. أنا كل هذا وأكثر فلا تراهنوا على هزيمتي ولا تعتقدوا أن انسحاب غريب أو قريب من عالمي سيصنع فرقا او ان أيّ حاقدٍ تافهٍ ينفث سمه لمن حوله كالعقرب الأصفر لينفس عن نقصه سينال من عزيمتي فقد تعاليتُ على جراحٍ أكبر من هذا بكثير . لقد أدمنت الخذلان وسموت فوق وجعه واتخذت منه دواءا لتصنع مرارته لي مرهما وترياقا.
#بقلمي
#إيمان_مرشد_حماد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق