ابن قلبي
في هدوء الليل الحزين أمسكتُ بالناي لأعزف مشاعري، صوت الناي هذه المرة كان مرتعشًا وكأنه خرج من أعماق بئرٍ سحيق، بينما الناي يبكي كانت أحداث يومي تتدفق إلى ذاكرتي وكأنه فيلم قصير يُعاد بداخلي باستمرار، رأيتني وأنا أركض والسماء كانت تمطر بغزارة وكأنها تشارك عيني الدموع سمعت حتى نبضات قلبي المتسارعة وكأنها طبول، رأيت الناس من حولي ينظرون إليَّ بشفقة، هناك ألم ما اخرق قلبي وحوله لفتات تدهسه المارّة بدون أن يشعروا، تذكرت كل مشاعري وكل ما حدث حتى وصلت لأقسى مشهد مرّ على عينيّ الدماء تسيل من بين قدميّ تتحرك عيناي ببطء شديد لتصل إلى مصدر تلك الدماء ليفجع قلبي بذبيح مُلقى على الطريق أمام منزلي ببضع أمتار، ليتحرك لسان حالي بسؤال واحد لا أريد الجواب عليه أبدا؛ من هذا الذبيح؟، وأين أخي؟؛ أنا قلقه عليه كثيرا، لماذا لا أحد يُجيبني؟!، ما بكم علام تنظرون ؟!، يُخيم الصمت المكان وكأن العالم انتهى في تلك اللحظة، لأجد نفسي أصرخ صرخات صداها زلزل الجبال من حولي، أحتضنتُ أخي بقلبي وروحي، ووددت لو كان بإمكاني أن أعطيه روحي الآن ليرتد حيَّا وأهلك أنا، هيا يا بني يا قلب قلبي لقد أحضرت لك طعامك المفضل قم يا حبيبي فأنا أعلم أنك جائع الآن هيا يا ابن قلبي؛ فمنذ أن قُتِل أبوانا وأنت ابني منذ تلك اللحظة وقد عاهدت نفسي أن لا أتركك أبدًا فلما غدرت بي الآن وتركتني؟!، هيا انهض انا احتاجك يا عزيزي، لا قدرة لدي لأن أتحمل فراقك أيضًا، ما تلك الحياة التى تنتشر فيها رائحة الموتى!، ما ذاك القلب الذي لا ينبض سوى بالوجع!، وكيف لهؤلاء أن يُسموا بشرًا، لم يكتفوا باحتلال أرضنا احتلوا حتى حقنا في الحياة
فادمعي يا عيني واصرخي يا روحي
فقد فقدتُ اليوم ابن قلبي.
وقد كان هذا كل ما تفوهتُ به في تلك اللحظة المفجعة.
ما فاجأني حقًا أن لحظات انهياري لم تتجاوز بضع دقائق لأجد نفسي أمسح دموعي التي أغرفت وجنتي وأودع أخي بكل قوة وثبات، المذهل حقًا أنني قمت بدفنه بيدي، أنا من حفرت التراب وأنا من ردمته، لو أخبرني أحد أن هذا سيحدث من قبل لكنت قلت أنني سأموت أو سأُصاب بالجنون، فمن أين أتيت بكل تلك القوة لستُ أدري!!.
انتهيت من عزف الناي ولم تنته بعد تلك الذكرى
رحمك الله يا ابن قلبي..عزائي الوحيد أنك شهيد عند ربك حيَّا ..
#بقلمي_الجاف
#الزهراء_خالد_عبد_المعطي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق