السبت، 5 مارس 2022

مقالة تحت عنوان{{انسلال من سطوة قلب}} بقلم الكاتبة القديرة الاستاذة {{حنان العواجة}}


 انسلال من سطوة قلب


يقول ابن حزم الأندلسي في كتابه الشهير طوق الحمامة :

سأبعد عن دواعي الحب إني
رأيت الحزم من صفة الرشيد

بين الجوى والنوى ولوعة القلب وحرقته،
يصرخ صوت الحزم والرُشد مدويًا، 
أفق أيها المفتون من غفوتك،
ألا ترى إلى الجنون قد آلت حالتك؟!
ويحي أنا قد فرض القلب سطوته ومحا معالم النباهة،
وأقصى مؤدبه.
يشتد وقع السهام علينا في كل مرة نتخذ إلى قرارات القلب سبيلًا؛ فيكون نزع السهام موجعًا، وتظل ما حيينا أثارها شاهدة علينا، فيعقبها ألم آخر من تأرجح فكرنا بين ما يهوى القلب وما يُمليه العقل، وما أصعبها من حرب على من كان قلبه سيده! فلا هو بالذي يتبع القلب مطمئنًا، 
ولا هو  بالذي يُجيب صوت الحكمة راضيًا.
ولأجل هذا كان خير ما يفعله المرء أن يكون مطيعًا ليناً، كالبحر في عظمته وجبروته، يحمل الأثقال على ظهره ليكون خادماً طيعاً، وفي قلبه يكمن الدُر لا يصله إلا من كان ليناً.
فعقل المرء إلى شواطئ الأمان قائده، دون أن ينقص من دُرِ قلبه ونقائه.
أما أتباع القلب يودي إلى الغرق؛ ما لم نمسك بدفة العقل حينما نسلك الطرق.
وحين أدركت ذلك أصبحت  فكرة التعصب لشيء لا تروقني، بل أميل للاتزان دائمًا، حتى قلبي ذاك الذي لطالما عُرِفَ برهافته روضته وقسوت عليه ، فالحنان المفرط أوجعه فكان لابد من وضع حدٍ لسطوته.
وانسللت من سطوة القلب بحنكةٍ ورويةٍ
وأحكمت العقل بقبضة واثقة قوية،
فيا نفس لا ترجعي عن قراركِ،
وارضي وكوني شامخة أبية.
دع عقلك يُحكِم قبضته على دفة سفينتك واجعله رُبانا لقلبك.

حنان العواجة

ليست هناك تعليقات: