عظم هدهد
استوقفني صوت البائع وهو ينادي مروجًا لبضاعته :
- أحجار كريمة ، عقيق ، خواتم ، طلاسم …
تجمهر الناس فأثاروا فضولي ، وقفت محدقا ومددت يدي أتفحص بعض الخواتم التي سرّني جمال أحجارها واتقان صناعتها .
غمزني بعينه الشمال وأشار لي أن أتنحى جانبًا ليكلمني منفردًا ، وكأنه يعرفني منذ زمن قديم .
- أعلم ماهي غايتك ، أمهلني قليلًا حتى يتفرق الناس من حولي .
- ليس لي غاية محددة ، فقط أحببت الفرجة كباقي الجمهور .
أمسك بيدي وأخذني جانبًا .
- العلامات على وجهك تقول أنك عاشق !!
- نعم صحيح ، كيف عرفت ؟!
- وفتاتك لا تعيرك اهتمامًا .
- حاولت كثيرًا ، لكنها تتجاهلني .
انتظر .. الحل عندي ، سأعطيك ( عظم الهدهد ) وهو مجرب وفعّال ، لكن عليك دفع قيمتة نقدًا .
- هل سينفعني ؟! وكم ثمنه ؟
- لا تقلق ، ستدخل القفص الذهبي قريبًا ، ها. ها. ها
بلهفة .. وتردد ، لم أشعر إلا وقلادة من الجلد يعلقها حول رقبتي ، هامساً بأذني :
- عندما تُقضى حاجتك ، أعده لي لينتفع به غيرك .
وأمام سحر كلامه وعذوبته ، وضعت يدي في جيبي لأخرج ما فيه من نقود أقدمها له، رغم عدم قناعتي بما يقول لضعف إيماني به ، مع ابتسامة بان من خلالها الفراغ الذي تركه ضرسي المخلوع !!
وفي طريق عودتي ، وأنا أدندن بأغنية عبد الحليم ( بحلم بيك .. أنا بحلم بيك ) سمعت أصوات موسيقى ورقصات مع زغاريد النسوة التي ملأت المكان ، أحسست بانقباض وضيق في التنفس عندما وقعت عيني على باب حبيبتي وقد تجمهر أطفال الحي محملين بالحلوى وضحكاتهم البريئة ملأت المكان بصوت يدخل القلوب بلا أستئذان .
- ماذا يجري هنا ؟!!
- خطوبة ( سعاد ) من ( ابن الحلواني ) . قالها أحد الصبية وهو يلتهم الكعك ، والسعادة لا تفارق محياه .
بدأت أجر قدميّ بخطوات خجولة نحو المقهى القريب ، جلست ويدي على خدي أرقب المكان لعلي أحظى بنظرة منها ، أما عن السبب فلا غرابة في الأمر ، فأمها تبحث عن المال وتعتقد أنه السبيل لسعادة ابنتها .
تحسست القلادة ، أيعقل أنها تعمل معي بالضد ؟!!
نزعتها وأنا ألعن اللحظة التي قابلت فيها (فتاح الفال ) ، أسرعت إلى مكان تواجده ، بحثت عنه في كل الزوايا ، فلم أجده ، هنالك أيقنت أنه محتال وقد خدعني .
قررت فتح القلادة لأشاهد ما بداخلها ، كانت خالية إلا من ورقة كتب عليها حروفًا ورموزًا غير. واضحة ، مع عبارة بالحبر الأحمر :
- من يحملني يمتلك قلوب النساء !!
ضحكت على سذاجتي ، رميت بها ولسان حالي يقول :
- للاسف... عدت بخفي حنين...
حيدر الدحام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق