.......الدجاجة العرجاء .............
كان يا مكان في قديم الزمان يحكى أن ديك نصبته الديوك قائدا للقبيلة لحنكته و نشاطه و سرعه حركته .
و كان هناك أربعة دجاجات يتميزن بخفتهن و صحة أجسادهن اختارهم الديك سيدات القبيلة لأن بيضهن ذو جودة عالية ، هذا ما رفع من قيمتهن و علو شأنهن ، و خاصة الدجاجة البيضاء ، التى لا يضاهيها أحد، و هذا ما نتج عنه الغيرة من الدجاجات الثلاثة ، و في أحد الأيام خرجن إلى المزرعة و بينما هن يبحثن عن الطعام ابتعدن قليلا و إذ بثعلب ماكر تهجم عليهن ، الدجاجات الثلاثة حالفهن الحظ هربن أما الدجاجة البيضاء تهجم عليها و حاول أن يأكلها لكنها بفضل حنكتها، أصابته في عينيه بمنقارها حتى فقد البصر و شاء القدر أن تنجو ، لكنها تعرضت لجروح بليغة ، خاصة على مستوى الفخذ و خلال عودتها إلى الخم نزفت كثيرا و عند وصولها أغمي عليها ، لكن بالاهتمام و الرعاية الصحية و مع الأيام تجاوزت مرحلة الخطر ، لكن للاسف أصبحت عرجاء و نحل جسدها و تشوه .
تمشي بصعوبة و ما حز في نفسها كثيرا التنمر و السخرية التى تعرضت لها من طرف الدجاجات الثلاثة، و اهمال و تجاهل الديك لها ، لم يعد يستشيرها و لا يهتم لأمرها بعدما كانت ذات منصب و شأن كبير ، و اليوم بسبب اعاقتها و مظهرها لم تعد لها أهمية ، حزنت كثيرا لكن ما باليد حيله الكل ينفر منها بقيت سنة على هذا الحال فقدت مكانتها و الديك لم يعرها أي اهتمام، بل يراها عبء و ثقل و كانت ترى في عينيه الاحتقار و الكراهية .
في أحد الأيام زاره ديك من القبيلة المجاورة يشتكي من تهجم الثعالب و تكبد خسائر كبيرة و تعرضه إلى أضرار، و طلب المساعدة من الديك أن يعير له دجاجة من الدجاجات الاربعة بعدما شاع الخبر عن انتاجهن بيض ذات نوعية جيدة ، و ترجى الديك أن يعير له احدهن، تبسم القائد و قال له أكيد يا صديقى لماذا نحن أصدقاء، لديا دجاجة عرجاء فهي لك بالمجان ، خذها هدية ، خرج باتجاه الدجاجات و قال لهن لا أريد اخبارها الحقيقة لا أطيق منظرها ، قلن لها أن الديك بعثك في مهمة لمدة شهر ثم تعودين معززة و مكرمة إلى القبيلة .
يضحك باستهزاء و يقول تخلصت منها بسهولة، منذ زمن أريدها أن تغادر و تمنيت أن تأكلها الثعالب. فهي لا تصلح للبيض و لا للحم ، إنها عالة عليّ و على القبيلة، تبسمت الدجاجات و فرحن بشدة و قلن للديك لقد فزنا و إنتصرنا . سمعت كلامه و كلامهن حزنت كثيرا .
حدثت نفسها : عندما كنت جميلة و أبيض كم كان فخورا بي ، و لما تعرضت لهذا الحادث الاليم نسى جهدي و تعبي و نصائحي التى بفضلها هو اليوم قائد و القبيلة تحتل المراتب الأولى..........
أخبرتها إحدى الدجاجات ، ابتسمت ؟و قالت : سمعا و طاعة ، خرجت من القبيلة و الحسرة تقطعها و تخنقها لكنها تخفى حزنها العميق ، بينما هي في الطريق، التفتت ورائها و إذ بها تسمع قهقهات متعالية، زادت في جراحها و ألمها،تمشى ببطء رويدا رويدا، حتى ابتعدت عن قبيلتها.
دخلت إلى القبيلة الأخرى ، لقت استقبال و استحسان من أهلها و عاملوها برفق و لين حتى تحسنت حالتها ، و بعد مرور شهر ، استعادت صحتها و تقوى جسمها .
بعد أيام غابت تفقدها الديك ، بحث عنها في كل مكان لن يجدها ، و في اليوم العاشر دخل خم مهجور و جدها ميتة حزن عليها كثير ، قلبها وجد تحتها عشرة بيضات من ذهب ، فرح للبيضات لأنه في وضع مالي سيء .
بكى بحرقة شديدة عاشت في القبيلة شهرين عرف قيمتها و احترمها كثيرا لحسن أخلاقها و تدبيرها
كانت تخفى سرا كبيرا ، و في عينيها حزن دفين ، قليلة الكلام لكن إنجازاتها خير مثال .
استعاد الديك قوته و مكانته بفضل الدجاجة العرجاء التى أنقذته من الإفلاس و أصبحت قبيلته يضرب بها المثل في قوة اقتصادها ، و لما سمع الديك الخبر ندم لتفريطه و تجاهله لها و التخلص منها، و هي التى تحمل في أحشائها المال و الثراء.
أصيب بنوبة قلبية كاد أن يموت و مع الوقت قبيلته فقدت هيبتها و مكانتها بعدما تسرب خبر احتقار و سوء المعاملة للدجاحة لاعاقتها و كيف تخلص منها بكل قسوة و لم يحترم شعورها و هي جوهرة رماها و لم يعرف قيمتها إلا بعد خسارتها و تنحى من منصبه ، و هذا جزاء التسرع و عدم الإخلاص للآخرين و من لا يعرف قيمة النبلاء و الحكماء
نعيمة غنيات الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق