الاثنين، 7 نوفمبر 2022

قصة قصيرة تحت عنوان{{الى متى .. يابحر ؟}} بقلم الكاتب القاصّ العراقي القدير الأستاذ{{جاسم الشهواني}}


 القصة القصيرة


الى متى .. يابحر ؟

منذ ان خلقت تلك الطفلة الجميلة
وجدت نفسها سجينة أرض تسيدها الغزاة . صرخة ودموع الولادة كانت صرخة تذمر على واقع مرير رأت ملامحه برحم أمها
صرخة حرة أبت الخنوع لمحتل جثم على صدورهم طويلا ؟
لم تقتع بضيق تلك المساحة من الأرض . كانت أحلامها اكبر بكير من ذلك الحيز التي يضمها . تمردت وأعلنت ثورة التحرر من قيدها الأزلي . كانت البحر ملاذها
لتشكو له همها العتيق . هي عاشقة للشمس ولنورها . لو نظرت بعينيها لرأيت بريق عجيب . هي ثائرة بالفطرة . عنيدة جسورة وشخصيتها قوية جداً تفرض إحترامها على المقابل من دون كلام . رغم كل تلك الصفات التي تميزها ؟
بداخلها أنثى لامثيل لها . رقة وحنان ، وعين لاتنضب من الحب والإحساس . تزوجت بربيع العمر لتجد نفسها زوجة شهيد ، وأم لخمسة أطفال . تعاظمت المسؤولية على كاهلها الرقيق
هي الاب والأم والصديق . بكت ليالي طوال بصمت . وسنها يضحك كذبا ليزرع الأمل بقلوب من كرست حياتها لأجلهم . تجاهلت ذلك العضو النابض تحت أضلاعها . وأغلقت أبوابه ونوافذه
لتتمكن من الإستمرار لتكمل رسالتها كإنسان ألي . هم أس حياتها وقضيتها التي لن تتخلى عنها حتى لو كان ثمن ذلك سعادتها . كانت تنظر كل ليلة لمرآتها بحزن كبير ؟
أنا إمرأة أستحق العيش . لكنها سرعان ما تتدارك الأمر قائلة ؟
الكرامة فوق كل شيء 
كان الخريف قد تسيد فصول عامها . ورغم عنادها وقناعاتها كانت الأنثى المتأصلة بداخلها ذات حضور كبير . تتلمس الجدران والسرير وتنظر من نافذتها للبعيد بحثاً عن ذلك الشريك الذي لطالما رأته بمنامها ؟
حلم يلازمها بل يؤرقها ويقظ مضجعها . فارس يطوي الأرض طياً ليصل تلك المرأة . تحاول لمس صورته التي لطالما رسم ملامحه ضباب الشتاء على زجاج نافذتها . ومع اول لمسة من إصبعها تتشوه تلك الملامح وتتشكل قطراة ماء من دفء جسدها . تبكي بحرقة حلمها وتركض مسرعة نحو ملاذها الازلي بحر غزة الذي لطالما طبطب على كتفها مواسياً لها . فتصرخ غضباً ( الى متى .. يابحر ؟ )
الى متى نبقى محاصرين . والغربان تتسيد سماء أحلامنا والجرذان تقضم ارضنا شبراً بعد شبر ؟
تعبت يابحر خذي لأعماقك لأغمض عيناي وأرقد بسلام . عسى ان أجد السلام بداخلك وأحقق كل شيء .
يبتسم ثغر البحر . ويرسل موجة لتصدم بالصخرة التي تقف فوقها
لينعش جسد وأنفاس تلك الثائرة
تشعر بالإرتياح من ذلك الرذاذ المتطاير . وصلتها رسالته فتبتسم
وتقول لبحرها ؟
ماكر أنت ياصديقي .. لقد أخمدت نار غضبي برذاذ موجك . أشعر بأنك تفهمني . تشعر بالرضا . وتتنفس بعمق كبير . وكان البحر قد طهرها من رجس الحياة . تعود لبيتها أقوى وأكثر عناد وصمود 
ويظهر ذلك التغير على معاملتها من أولادها الذين ينظرون لأمها البطلة بنظرة شموخ . تعود لنافذتها المطلة على صديقها العتيق . تنظر إليه بنظرة مختلفة كلها أمل . ويجيبها البحر برسم صورة ذلك الفارس القادم من بعيد وحوافر جواده تثير رذاذ الموج لترسم لوحة النصر وتسيد الربيع لسماء مدينة طال عهد إنتظارها لرؤية ألوان قوس قزح يزين سمائها . تبتسم ثم تعود لسريرها
لتغو على أمل إن الغد سيكون افضل . وتمتطي ظهر ذلك الجواد مع فارس أحلامها لتنطلق لأرض وسماء لطالما كانت أم احلامها
تنام وهي مبتسمة . وقلم الاقدار كتب على نافذتها ؟
إن غداً بإذن الله سيكون أفضل .

                      تمت

                              الكاتب
                        جاسم الشهواني
                               العراق
                        7/11/2022

ليست هناك تعليقات: