{ وجه من هلام }
يخالجني شعور
أني أمشي عكس التيار
وإن غبار كوني
نفخ بسُحبِ أفكاري الشاردة
على أوراق سنين
صومعة الروح الحُبلى
بأحلامِ ورد الوعد المتنسِّك الزاهد
ولم يعد لمرآتِها
وجهًا يُشبه وجهي
وإني أشعر بقسماته
أصبحت كوجه الظنِّ
من الهلام الممدد
...2
يا أيها الغلام
المتمرِّد في داخلي
يا ظلي
قل لي
هل خرس الكلام
وذابت شموعه المتعبِّدة
على أدراج أقبية حرفي !؟
وغار زبده في بحر ليلي المتلعثم !؟
...3
لم أعد أسمع
ذاك الهمس البهِيُّ المتخفِّيَ
الآتي من بين أفنان الروح
وما عادت صوت مزامير الوعد
تلاحقها دعسات
خيول أفكاري المتهالكة
المتبعثرة بكبوة القدر الممغنطة
التي تجذبها وتجندلها
إلى وهاد النفس الملتهبة الصامتة
المنتفخة بأورام الحياة المُفسدة
العامرة بشياطينها العابثة
المرتجفة المرتعدة من مسِّ
طهر عصاة "مُوسَى" المسترشدة
كي لا تفقد نار الوسوسة
بعد أن أضاعت
تميمة حدوتها الطاردة
...4
هل هذا هو البلاء
بأن تشعر أن دبيب نسائم روحك
ما عادت تُلامسها يد الريح
ولم يعد نحيمها يمارس جنون
خَيل البر المتمردة
في ميدان السماوات
ولم يعد صهيلها الراعد
يوقظ غفوات ليلها
ولا وقع سِهام حوافرها الهدَّارة
ترهب مناديل السحاب الشاردة
...5
هل شعرت يومًا إنك
تمشي عبر طريق الجلجلة
تبحث عن نصفك الآخر الهارب
المُضرَّج بدمائك الباكية
وأنت تحمل على كتفك
ثقل روحك كالجبار أطلس
من أنين خير الأرض الكامد
وأن سيف القهر
قد شطر وجهك إلى نصفين
ليصبحا نقيضين متنافرين لا يلتقيان
وبينهما هوّّة من الأوهام المتباعدة
...6
يا أيتها الألوان الهاربة من وجهي
إلى رقعة شطرنج
لتخوضي معارك عبثية خاسرة
يا ألوان قُذحي العائدة
من حقول السماء بأسرار الفصول
يا حبال سر الشمس الممتدة
إن دم وجهي قد تجمَّد
كوني موجة بحر دافئة
وانثري ياقوتگِ ومرجانگِ
على شواطئ وجهي المتعب المتجعد
عودي
لملمي شذرات
تمتمات وجهي المصلوب
على جبال الأوهام
قبل أن تأخذه أوشام
وجوه الدهريين الملحدة
المبتعدة عن نور الله
المتعمدة بألوان النار الموقدة
عودي إلى حقيقتي
فإن الروح هائمة مترددة
والفكر ضائع يسبح
ما بين سديم الأبيض والأسود
•علاء الغريب / كاتب صحفي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق