{ يَا شَامُ }
إِنْ قَلْبَكَ شَهِقَ بَيْنَ ضُلُوعِكَ ورقَّ
وَتَسَارَعَ اِهْتِزَازًا
وَاِرْتَعَشَ ودقَّ
فََاعْلَم أَنْتَ فِي مَدِينَةِ اليَاسْمِينِ
تَتَنَفَّسُ أَنْفَاس دِمَشْق
وَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ كُتُبَ التَّارِيخِ
فتَارِيخُ عَاصِمَةِ الأَدَبِ
لَا يُنَسخُ وَيُحْفَظُ بالكُتُبِ
وَلَا يُكْتَبُ عَلَى الوَرَقِ
فَارْفَعْ هَامَتْكَ يَا هَذَا
وَزِدْ لِاِعْتِزَازِ عُرُوبَتِكَ اِعْتِزَازًا
وَافْتَح أَبْوَابَ نُجُومِهَا السَّبْعَةِ
وَادْخُلْ إِحْدَى الأَزِقَّة
2........
هُنَاكَ سَتَرَى حُرُوفَ الذَّهَبِ
وَتَحلُّ جَمِيعَ الأَلْغَازِ
وَلَا تَنْتَعِل حِذَاءً
وَامْشِي عَلَى طَرِيقِ الحَرِيرِ
دَاخِلَ حَدَائِقِهَا كنَسَمَةِ هَوَاءٍ
عَلَى رُؤُوسِ أَصَابِعِ قَدَمَيْكَ بـرِقَّةٍ
فَمَنْ لَامَسَ تُرَابَهَا قَدْ فَازَ
فَإِنَّهَا تِبْرًا وَحِجَارَتُهَا مِنْ الأَلْمَاسِ
وَجُدْرَانَ بُيُوتٍهَا مِنْ اليَاسْمِينِ
وَأَعْتَابُهَا تشِعُّ نُورًا
وَتَفُوحُ عَبقًا
. 3...........
تَوَغَّلْ يَا هَذَا
دَاخِلَ شرايين شَوَارِعِهَا الضَّيِّقَة
فَجَمِيعُهَا مِنْ القَلْبِ مُنْبَثِقَةٌ
وَأَرْصِفَتُهَا خلْجَان
طَاهِرَة مُعَطَّرَة بِالدُّعَاءِ
مَشَتْ عَلَيْهَا أَقْدَامُ الأَنْبِيَاءِ
فَتَبَارَكَ مِنْهَا المَنْتُور
وابيضَّ وَجه الزِّنْبَق
فَصَدِّق كُلّ مَا رَأَيْته
وَلَا تَقُلْ يَا ذَاكَ
إِنْ هَذَا إعْجَازا
فَرِفْقًا
. 4.......
أطْلِقْ طُيُورَ عَيْنَيْكَ
مِنْ أَقْفَاصِهَا الصَّامِتَة
وَدَعْهَا تُرَافِقُ
أَنْفَاس مَدِينَةِ الأَسْوَارِ الهَائِمَةِ
بَيْنَ المَآذِنِ وَرُفُوفِ الحَمَّائِمِ
وَاعْبُرْ نَفَقَ التَّارِيخِ
مِنْ تَفَاصِيل سُكُونِ جُدْرَانِهَا الحَالِمَةِ
إِلَى أَحَدَ عَشْرَةَ أَلْف عَامٍ
فَإِنَّ التَّارِيخَ مِنْ بَعْدِ وِلَادَتِهَا
قَدْ أَصَابَهُ العُقْمُ وَصَامَ
اِمْشِي.....
وَاحْتَفِي بعَرُوسِ الأَرْضِ النَّاطِقَةِ
المُطَرَّزَة بـِجُورِيِ الوَرْدِ
المُكَلَّلَة بـِرَيَاحِينِ المَجْدِ
والمَسْقِيّة بـأَنْهُرِ الخَيَالِ المُتَدَفِّقَة
5........
هِيَ الشَّامُ يَا هَذَا
هِيَ أَرْضُ الكِرَام
بَحْرَة الغرَامِ فِي سَاعَةِ الشَّفَقِ
هِيَ مَنْ حَاوَلَ اللَّيْلُ
بَعْدَ أنْ غَفَتْ قَنَادِيلُهَا
أَنْ يَسْرِقَ مِنْ مَنَادِيلِهَا
شَمَّة حَبَق
وَمَنْ هَامَ بـكُحْلِ عَيْنَيْهَا (قَاسْيُونُ)
وَأَلْبَسَهَا شَالهُ
كي لَا يَسْرِقَ قبْلَةً دَافِئَةً
مِنْ عُنُقِهَا البَرْد
وَهَامَ بـأَنْفَاسِهَا النارنجُ وَاللَّيْمُونُ
وَعَشقَ كحْلَةَ أَسْوَارِهَا (بَرْدَى)
فَنَثَرَ عَلَى ظِلَالِهَا قُبَل الأَشْوَاقِ
. 6........
بوحيٍ يَا عَرُوس القَمَرِ
يَا غَابَةَ الأَلْوَانِ
وسمفُونِيَة العِطْر
وَافْتَحِي خَزائِن أَسْرَاركِ
فَإِنَّ النُّطْق بالحَقِّ حَقا
كَمْ فَارِسًا حَمى نُور جَبِينك ؟
وَكَمْ غَازِيًا حَاوَلَ مُقَارَعَة يَمِينكِ
وَعَلَى مَذْبَحِ أَقْدَامَكِ عُنُقَهُ قدّ دُق
7.........
اِنْطِقْ أَيُّهَا الحَجَر
فَدَاخِلَ أَنْفَاسِكَ
غَفَتْ حِكَايَاتُ التَّارِيخِ
وَسُجنتْ دَاخِلَ بِرْوَازِهَا
بَعْض الصُّوَرِ
اِنْطِقْ فَإِنَّ عَدمَ النُّطْق
بِالحقِّ لَا يُغْتَفَرُ
نَادِي أَبِي العلاء
ليَقْرَأ رَسَائِلَ غُفْرَانِهِ
وَيَقُولُ لَنا كَيْفَ تُكْتَبُ الحُرُوفُ
مِنْ نُورٍ وَنَارٍ
وَكَيْفَ تُولَدُ مِنْ الظُّلْمَةِ
بُحُور مِنْ الأَشْعَارِ وَأَلْحَانُ العِشْقِ
8.........
نَادِي ابن الوَلِيد والمَؤْمُون
وَضِرَار وَأَبَانَ
لَنَقُصّ عَلَيْهِمْ
حِكَايَاتٌ كُتِبَتْ عَلَى أَوْرَاق الغَارِ
وَكَيْفَ الأَرْضُ تُصَانُ
وَكَيْفَ لْمَعُ فِي سَمَائِها
سَيْفُ الحَقِّ.
9.......
يَا مَدِينَة العِشْق المُتْرَفَة
إِنَّ قَلَمِي عَلَى أَعْتَابِ أَبْوَابِكِ
قَدْ رَقَّ وَرَجَفَ
فَعُذْرًا إِنْ تَسَلَّلْتُ
وَتَسَلَّقْتُ أَسْوَارَكِ
وَرَمَيْتُ عَلَى أَحْضَانِكِ حُرُوف الغَزلِ
وَأَمْطَرْتُكِ بِالقُبَلِ
وَغَزَلَت مِنْ أَنْفَاسِي وِشَاحًا صُوفِيًا
فَكَيْفَ تَسْمَعُ أَبْوَابَكِ طُرُقَاتِ كُفُوفِي
أَوْ تَقْرَأُ كَلِمَةً وَاحِدَة مِنْ حُرُوفِي
وَعِطْر يَاسْمِينك
وَأَمِيرُ حُرُوفِ العِشْقِ
يَتَبَادَلَا خَلْفَ أَبْوَابكِ القُبَل
بَعْدَ أَنْ خَبَّأَ
دَاخِلَ كُنُوزُ قَلْبِه المِفْتَاح
فَمَجْنُونٌ مَنَّ يَتَجَرَّأُ
وَيُغَازِلُ أَمِيرَةَ المُدُنِ
أَمَامَ نَظَر (نِزَارِكِ)
وَإِنِّي أطْلُبُ مِنْهُ الآنَ السَّمَاحَ
فَهُوَ العَاشِقُ الَّذِي قَالَ
أَنَا الدِّمَشْقِيُّ لَوْ شَرَّحْتُمْ جَسَدِي
لَسَالَ مِنْهُ عَنَاقِيدٌ وَتُفَّاحُ
وَأَنَا أَقُولُ عُذْرَا نِزَار
أَنَا مَجْنُونُهَا وَالعِشْقُ لِمَنْ سَبْقَ
•علاء الغريب / كاتب صحفي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق