الأربعاء، 21 مايو 2025

قصيدة تحت عنوان{{ظمأ}} بقلم الشاعر الفلسطيني القدير الأستاذ{{صفوح صادق}}


"" ظمأ""

عندما جفَّ الندى
تعثّرت أغصانُ النخيلِ على شفاهِ السُّقيا
تهامستِ العيونُ عند عتباتِ القطرات
ارتجفَ نبضُ طفلٍ فوق صدرِ الأماني
توسّدَت الكفوفُ اليابسةُ حلماً بلونِ المطر
أنا لم أبكِ كثيراً
لكنّني ذقتُ ظمأً بنكهةِ الغياب

يا طفلَ الماءِ المُهمَلِ
انهض
إجمع ما تبقّى من نداكَ
وامضِ نحو صدى النبعِ
احمل عطشكَ كبذرةٍ
وازرعهُ في حقولِ الغد
يا شهقةَ العطشى في مدنِ الصمت
يا نايَ الحرمانِ المفتوحِ على المواويلِ والإنتظار

يا طفلَ الأنهارِ المقيّدة
بخيوطِ الطينِ وملح الوجع
اقترب من نبضي
لتنقشَ على جبينِ الأرضِ صرخةَ الحياة

يا طفلَ الضوءِ
حين انفجرَ صبرُكَ تحت جنحِ الليلِ
ارتجّت أنفاسُ الغيم
وانطفأَ وهجُ النجوم
تكسّرت أبوابُ السماء
ورقصَ العطشُ فوق ظلالِك
غفت أُمنياتُك بين أذرعِ الغيم
تبحثُ عن وطنٍ بلا جفاف
عن صدرِ أمٍّ لا يضيقُ بأنينِك
عن بيتٍ
لا تُهدهدُهُ الريحُ عند كلِّ مساء
عن نافذةٍ
ترى منها دفءَ الشمسِ لا وهجَ الحريق

يا طفلَ الضوء
كم مرَّت مواسمُكَ دون حصاد
كم ضاعت ألعابُك في زحامِ النكبات
لكنّك كنتَ تكبر ...
بخطى من صبرٍ
وبعينيكَ نورُ الطهر
والسؤال:
لِمَ تُطفيءُ  الحربُ شموعَ الطفولة

يا أيها الظمآنُ إلى الفرح
يا عصفورَ الوقتِ المسجون في قفصِ الإنتظار
سنبذرُ خطواتٍنا غداً في ترابٍ جديد
نسقي الحلمَ بماءِ الحكايات
ونرسمُ من وجعِك سحابةً
تُمطرُ في أوطانٍ
نسيَت معنى المطر

فانهض ...
لا تُسلِّم للخذلانِ نَبضكَ
ولا تجعل من دمعِك رايةَ الحياة
وكن صوتَ الذين أكلَهم الصمت
اصرخ باسمِك 
باسمِ خُبزِك المكسور
باسمِ طفولتِك المصلوبةِ على جدرانِ القهر
اصرخ ...
علَّ السماءَ تستفيق
علَّ الأرضَ تعيدُك وطناً
لا يُؤجَّرُ للغزاة
ولا يؤسسُ على رمادِ الطفولة

صفوح صادق-فلسطين

٢١/ ٥/ ٢٠٢٥. 

ليست هناك تعليقات: