"خذها مني وصية:..."
الروائية حكيمة جعدوني نينارايسكيلا
يقصدون بذلك الأنين...
شحدُ اللقمة،
احتضارُ التسوّل،
ونجدةُ العيون التي حفرتِ الرؤوس،
تعاني صداعَ الجوعِ الهموس...
فيلتفّون حول موتاهم
بافتراسٍ نيءٍ
ونبشٍ ومضغٍ ناهم،
وتنزلقُ أسنانُهمُ المدميةُ بإرهاقِ الفناء،
وبقايا العذاب...
يتساقطون بعضهم فوق البعض:
أمواتًا أموات،
جيافًا جياف...
فتح مصراعي أسفه،
انتباهه، وألمه،
بعدما اعتقد أنها
مجرّد مجموعة قليلة
أصابها وابل الجوع...
ليرفعَ رأسهُ المثقل،
ويشهدَ في الأفق
الحشرَ الثخين،
حشودًا من الناسِ
على الأربعِ يمشون،
كثيرهم منشغلٌ بلفظِ آخرِ أنفاسه،
والغيرُ له يطوّقون،
ونحوه بزاحفين:
حبوًا، وإنزياحًا،
بطئًا، وتعثّرًا...
من أنا بالنسبة إليكم!!؟؟
حاكمكم؟
أم قاتلكم...؟
هل أسمح لنفسي الآن...
بأن أكون قائدكم؟؟!!
أم فلتسمحوا لي ببعض العتاب...
لا أستحق...
لا أستحق أن أكون الواقف
وأنتم المقعدون،
ولا أستحق أن أكون المرتاح
وأنتم المضطهدون،
ولا أستحق أن أشعر بالشبَع
وأنتم بسوطِ المجاعةِ تُجلدون...
لستُ حاكمكم...
لم أعد حاكمكم...
المُلك مسؤولية،
استحلافٌ بالأمانة والحق...
وما أنا
إلا عاجزٌ أمام هذا البؤس،
الحضيض...الشنق.
يمشي، ويمشي، ويمشي...
ويستهلك الأغبرة!!
وأصواتٌ كصوتِ الأنعام...
مهلكةُ الصدى،
أحوالٌ متردّية،
صِياحهم...
واحتقانه بالغضب...
يبصرُ بكلتا عينَيهِ المتفاجئتين
كيف تنفجرُ أحشاؤهم
فتُراق الدماءُ من الأفواه،
ويُصلّون على الأرض اليابسة
صلاة الوداع...
وكيف أن الصبيةَ
ترتعدُ حدّ الانقطاع،
وثمالةُ الشيوخ
تغازلُ السماءَ
بابتسامة الجماجم...
لن أسامحك،
إذا تحوّل الرمادُ لجبلٍ متّسقِ الحجارة... لن أسامحك،
إذا مالت السماءُ على يمينها... لن أسامحك،
إذا توفّى الخلود... لن أسامحك،
إذا شاخت الروح... لن أسامحك،
إذا بان الفراغ... لن أسامحك...
خذها مني وصيّةً،
وورّثها لأجيالك: فلن أسامحك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق