خمس مقامات في الشوق
5 – مقامُ العِناقِ الأبدي
"صارَ جُزءًا مِن رُوحي"
أخيرًا...
في لحظةِ إشراقٍ كضوءِ الفجرِ بعدَ ليلٍ طويل... أَفهم.
أفهمُ أنّه لم يَمُت، بل تحوَّلَ من إنسانٍ أُحبّهُ إلى نورٍ أَحمِلُه،
من صوتٍ أَسمعُهُ إلى موسيقى تُعزَفُ في أعماقِ رُوحي،
من جسدٍ أحتضنُهُ إلى حُبٍّ يسكُنُ في كلِّ خليةٍ من خلاياي.
الشهادةُ ليستْ نهايةً، بل بدايةٌ جديدة،
ولادةٌ في عالمٍ أجمل،
في مكانٍ لا يعرفُ الألمَ، ولا الخوفَ، أو الفراق،
إنّه الآنَ في حَضرةِ مَن لا يَغيب، وفي جِوارِ مَن لا يَخون...
في نعيمٍ لا ينقطعُ ولا ينتهي.
أَتعلّمُ أن أَحمِلَ ذِكراهُ كوردةٍ في القلب، لا كالشّوكةِ في الصدر...
أحكي قِصّتَهُ للآخرين كأجملِ الحكايات،
أعيشُ بالطريقةِ التي كانَ سيفتخرُ بها،
أكونُ امتدادًا لهُ في هذا العالم،
أكونُ صوتَهُ الذي لا يَصمُت، وحبَّهُ الذي لا يَموت.
الآن... عندما أتذكّرُه،
أبتسمُ بدموعِ الفرح،
لأنّه لم يَمُت، بل أصبحَ جزءًا منّي لا يَنفصل،
يعيشُ في كلِّ نَفَسٍ أتنفّسُه، كالرّوحِ في الجَسد،
في كلِّ كلمةٍ أقولُها، كالعطرِ في الهواء،
في كلِّ خُطوةٍ أَخطُوها نحوَ النور... كَالظِلِّ الجميلِ الذي يُرافِقُني.
✍️ محمد الحسيني
من مقامِ العِناقِ الأبديّ تعلّمتُ أنَّ الفقدانَ مُعلّمٌ قاسٍ، ولكنَّهُ صادق...
وأنَّ الحُبَّ أقوى من الموت، وأنّ الشهادةَ تُحوّلُ الإنسانَ إلى نجمٍ في سماءِ الخلود،
وأنَّ الذكرياتِ الجميلةَ بساتينُ لا تحتاجُ إلى مطرٍ لتُزهِر، ولا إلى شمسٍ لتُضيء...
رَحمكَ اللهُ يا مَن علّمتني أنَّ الحُبَّ لا يَموت، بل يتحوّلُ إلى ضوءٍ أَبَديّ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق