"في عتمة الحافلة "
سلسلة قصصية
بقلم :
تيسيرالمغاصبه
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
القلب الكبير
-٤-
إستمر ذلك العناق الذي تسبب لي بالخمول والخدر، حتى وصلت الحافلة إلى أول شاطىء العقبة الصحراوي والخالي من السكان ،توقفت الحافلة قرب الشاطىء . بعد دقائق فتح الباب ،رأيت صديقي حسن أمامي في الحافلة يرعشني ويقول لي:
-هل فقدت حاسة سمعك ياصديقي، لقد بح صوتي وأنا اناديك ؟
-من حسن .
-لا أنا حسنين ،هيا إنزل وساعدني على إشعال النار ؟
نهضت ،تلفت حولي كان الجميع نيام بما فيهم شهرزاد، فخرجت مع صديقي حسن.
لفحني الهواء الساخن ،كانت حنان جالسة على الشاطىء وابتسمت ابتسامتها الجميلة عندما رأتني وقالت:
-اسعدت مساء أستاذ غريب ؟
-مساء الورد ياعزيزتي الجميلة أشرقت الأنوار ليلا.
قال حسن وهو يجذبني من يدي:
-دعك من أملاك الأخرين وتعال معي ؟
مشيت معه ،فتح صندوق الحقائب ،أخرج منه كيس يحتوي على الحطب والمواد المساعدة على الاشتعال ،وبسرعة كانت النار مشتعلة ،بعد أن أعد حسن القهوة قال لي وفي كلامه نبرة سخرية واصحة :
-الأن أحضر عودك وأسمعنى مالديك ياسيد الغناء العربي؟
-حاضر ياصديقي .
توجهت إلى الحافلة ،كانت شهرزاد تطل علي من وراء الحافلة ،جريت إليها واحتضنتها بشوق وشغف كما وإنا لم نكن في عناق طوال الرحلة ،
قلت لها :
-الأن إنتظريني هناك عند أصدقائي حتى أحضر عودي ياعزيزتي وسوف اغني لك وحدك؟
-حسنا ياعزيزي.
دخلت إلى الحافلة، كان الجميع لازالوا نياما ..أخذت عودي وعدت إلى الشاطىء ،كانت شهرزاد تجلس بعيدا عن النار ،أما حسن فامسك بذراع حنان وجذبها إليه طالبا منها بفعلته تلك الاستلقاء ووضع رأسها على ركبته ،لكنها وعندما رأتني نهضت بضيق من فعلته الهمجية رافضة ذلك الوضع مفضلة الجلوس.
قلت وأنا صادق بقولي:
-الأن كل مع حبيبته، وأما أنا فسأعزف وسأغني؟
قال حسن :
يامسكييييين ههههههههه.
لحظات و خرج الجميع من الحافلة وإلتفوا حولنا جاعلين حلقة كبيرة وبدأ الرقص والغناء كالسابق،وبدأت الغناء : ياريم وادي ثقيف ..لطيف جسمك لطيف ..ماشفت أنا لك وصيف ..في الناس شكلك غريب ..."
شعرت حنان بأنها هي المعنية بالأغنية فوقفت في وسط الدائرة وبدأت بالرقص .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
بينما كنت أعزف على عودي وأغني وقد انتصف الليل ،نهضت حنان قائلة :
-من بعد اذنكم أنا ذاهبة إلى التواليت ؟
ثم نظرت إلي وقالت :
-توقف عن الغناء حالما أعود ياغريب ،أسمعت، إنتظرني حالما أعود، لا أريد أن يفوتني شيء؟
قلت :
-كما تريدين ياعزيزتي.
قال حسن لحنان ممازحا :
-أأ ذهب معك.
ردت ضاحكة :
-لا..بل استطيع الذهاب وحدي؟
وضعت عودي جانبا وقلت لحسن وأنا أمسك بيد شهرزاد ونبتعد عن وهج النار :
-لنبتعد قليلا عن نارك وسنرجع بعد أن تعود حنان ؟
-ولماذا صيغة الجمع ياصديقي.
وقبل أن أجيبه رجعت حنان صارخة ،فزعة وقد بللت ثيابها ،أحتضنها حسن وقال:
-مابك ياعزيزتي، فلاشي يدعو إلى الخوف هنا؟
قالت وهي لاتزال تصرخ فزعة:
-هناك..هناك .. في الداخل ؟
قلت :
-هل يمكن أن تكون ذعرت من الكلاب والقطط ؟
قال حسن :
-ماذا تقول أنت ،أي كلاب وأي قطط ،ومن أين ستأتي الكلاب والقطط ؟
جرى حسن إلى الحافلة ،كنت سألحق به لولا أن حنان جرت إلي واحتضنتي كالطفلة الصغيرة المذعورة .
لم أستطع ابعادها بسبب تشبثها بي وشعرت بالحرج منها ومن شهرزاد ،
أحطتها بذراعي اليمنى وقلت وأنا أربت على ظهرها باليد الثانية:
-إهدئي ياعزيزي إهدئي؟
لحظات وعاد حسن ثائرا كالمجنون يصرخ ويلعن وبيده الكتاب ،وعندما رأى حنان بين أحضاني إزدادت ثورته وقال :
-ماهذا الذي في حوزتك،أنك لست فقط خائن للصداقة بل مشعوذ حقير ،كتاب لتحضير الجان ،كتاب لتحضير الأرواح وتدعي بأنك فنان رقيق ،الأن علمت لماذا تحمست للسفر معي ،لقد كان ذلك لأجل حنان، كعادتك تحاول اختطافها مني بسبب غيرتك وحسدك لي ،تريد أن تسحرنا أليس كذلك،طول عمرك تغار مني ياغريب ؟
-حسن ،ماذا تقول أن ماحدث كان رغما عنا أنها مذعورة ؟
ثم أبعدت حنان عني برفق بينما قام حسن
بشق الكتاب إلى نصفين ومن ثم رماه في النار لتلتهمه النيران بسرعة ،قلت :
-لماذ فعلت ذلك أن الكتاب لم يكن لي وهو يخص صديقنا مأمون ،وهو أمانة معي؟
قال وهو لايزال ثائرا:
-أنت ومأمون مجانين ،سحرة ،مهزوزين ؛تحسدون غيركم على مايملكون؟
-لا يمكن لإنسان أن يمتلك إنسانا أخر ياصديقي ،وأنا دائما أتمنى لك الخير ،وثم إن كانت حنان تحبك بصدق فلن تتخلى عنك أبدا ،لماذا تتهمها هي أيضا بالخيانة؟
-لاتتمادى بخبثك أيها اللعين ،ثم جرى إلى عودي أيضا يريد تحطيمه أو إحراقه، لاأعلم ،جريت إليه لامنعه وقلت له محذرا :
-لا تلمس عودي ،أفعل أي شي لكن لاتلمس عودي ؟
قال :
-حسنا ..سأفعل .
ثم دفعني بطريقة لم أتوقعها ،وقعت على أثرها أرضا وإنقض علي وبدأنا بالتدحرج على الرمال،لم أكن أريد رفع يدي عليه ،ولم أتوقع أن أفعلها يوما فقد كنت أكن له الكثير من المودة والمحبة ،وإنما كنت أصد لكماته فقط .
لم يتوقف ذلك العراك الذي كان مابين مهاجم ومدافع حتى صرخت حنان:
-يكفي ..يكفي ؟
ثم أجهشت بالبكاء.
قال حسن:
-حسنا من الأن سنفترق و إلى الأبد إنسى أن لك صديقا أسمه حسن؟
قلت :
-الحمد لله أني لم أسيء إليك ياصديقي ،بينما أنت من أساء إلي ،لكني موافق وسأخرج من حياتك ؟
قالت حنان موجهه كلامها لحسن:
-أين ستترك صديقك في هذا الظلام الحالك ،قد نكون بعيدين عن المدينة ؟
-ليذهب إلى الجحيم ،فهو لم يعد صديقي، أنه خائن ،لقد كنت مخدوعا به طوال الوقت .
-لم يخنك أبدا ،أنت وأهم.
تركتهم وتوجهت إلى الحافلة لأخذ حقيبتي وقد إختفى من أمامي الجميع ،جميع الضيوف بما فيهم شهرزاد ،
وسمعت حنان تقول لحسن :
-على الأقل هو لم ينظر إلى جسدي كأنت ،لم أكن أعلم بأنك تعتبرني من ممتلكاتك ياحسن؟
-هل سمم أفكارك هذا اللعين ..هل سحرك هذا الساحر .
حملت حقيبتي وعدت إليه وقلت قبل أن أستدير :
-حسنا أنت إتخذت قرارك وأنا وافقت وبكل أسف ياحسن ،الوداع؟
قالت حنان :
-أين ستذهب في هذا الظلام ، نحن قد نكون بعيدون عن المدينة لابد أن نوصلك بالحافلة؟
قال حسن :
-إتركيه يذهب إلى الجحيم لن يبقى معنا دقيقة واحدة؟
-قلت :
-أشكرك آنستي ..أعتذر عما تسببت به والذي كان رغما عني ولاعلم لي به،
بل وكنت حتى تلك اللحظة لا أؤمن بتلك الخزعبلات أبدا ؟
قالت حنان :
-أنا أصدقك .
في تلك اللحظة وقف حسن بيني وبينها ومد أصبعه يشير لي إلى الشاطىء طالبا مني المغادرة ،
ثم إستدرت ومشيت بينما أجهشت حنان بالبكاء من جديد ،وحسن لايزال ثائرا.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
مشيت إلى جانب الشاطىء الطويل جدا وأنا أنظر إلى المدى البعيد عسى أن أرى تلامع الأضواء من بعيد، مشيت ولا أنيس لي سوى القمر في السماء .
وقد أدركت في تلك اللحظة بأن شهرزاد وقومها لم يكونوا سوى قوم من الجان حضروا بسبب كتاب صديقي مأمون ،وقد إختفوا بمجرد حرق الكتاب .لأعود وحيدا..غريبا من جديد.
"إنتهت القصة"
وإلى قصة أخرى
تيسيرالمغاصبه