كورونا والحياة اليومية...
______بقلم :سركاستي موراد 26أفريل2020
يعيش العالم حالة من الرعب في ظل تفشي فيروس كورونا الذي لا دين له ولا هوية...فبعد أن أعلنت الصين حالة طوارىء وحجر كلي..نشهد اليوم عجز أكبر دول العالم في إكتشاف دواء مضادا لهذا الفيروس...رغم التطور التكنولوجي الرهيب الذي يواكبه العصر في شتى الميادين.
لم يتوقف الفيروس عند بلد الصين فقط أو إيطاليا ..وإنما تجبر وقطع البحار وصولا إلى البلدان العربية ومنها الجزائر التي يزداد فيها انتشار هذا الأخير(كورونا) من يوم لآخر...فكيف استقبلت الجزائر هذا الوباء وما هي الإجراءات والتدابير المتخذة من أجل الحدّ من انتشاره؟...وهل تقبّل الجزائريون هذا الفيروس في ظل حركة التحرر التي شهدتها الساحة السياسية منذ فبراير 2019؟
ظهرت في الجزائر حركة تحررية ثائرة على الأنظمة الفاسدة في البلاد صحبتها موجة قوية تندّد بضرورة تنحي كل من له صلة من قريب أو بعيد بالنظام السابق بما فيهم الرئيس المبجّل وأسرته السياسية...رافعة شعار الجزائر للشعب وليست ملكا الرئيس...الكرسي للشعب وليس ملكا للرئيس...
تمثلت هذه الحركة في مسيرات سلمية حاشدة نصبت لنفسها يوم الجمعة كيوم مقدس يخرج فيه الشعب إلى الشارع بهتافات وشعارات مختلفة وكانت أهمها (يتنحاو قاع)...
ظلت هذه الحركة مشدّدة على ضرورة التغيير مفنّدة بذلك كل شيء يخرج من السلطة بما في ذلك جائحة كورونا.
لم يترك النظام الفاسد المجال أمام الشعب للتصديق...نظرا لممارسته الكذب والزيف لعصور..فما كان من الشعب إلا رفع شعار آخر يكذّب كل زيف السلطة المستبدة...وهو شعار (كورونا ولا نتوما).
لم يكن الشعب يعي خطورة هذا الفيروس..بل لم يصدق بوجوده أصلا...فهناك أطراف أطلقت شائعات على أن السلطة هي من ابتكرته من أجل القضاء على الحراك الشعبي ..أو الحركة التحررية...فهل هذه الإشاعات لها أساس من الصحة؟وما مصدرها ومن المستفيد من ذلك؟
بعد حادثة الايطالي الذي أعلنت عنه السلطة بأنه أول مصاب بالفيروس أثناء قدومه إلى الجزائر من ايطاليا..انطلقت التغريدات على الفايسبوك أغلبها مقالب هزلية ومنشورات كلها سخرية...ورغم تحذير السلطة للشعب من سرعة تفشي الفيروس إلا أن هذا الأخير لم يرضخ لذلك.. بل رفع شعارات تحدٍ أخرى كلها مفنّدة بوجود وباء إسمه كورونا...و ظهرت كاريكاتورات أكثر سخرية من السلطة ..بل وربطت الفيروس بكرسي الحكم...فكان الخيار كما سبق وقلت كورونا ولا نتوما...
إن الشعب الذي تسيّره نخبة مثقفة قد تدفعه للهلاك ليس إلا لأن الشعب أراد التغيير....لكن في ظل تفشي الفيروس في كل أرجاء العالم...هل للسلطة يد في ذلك؟
لابد للإنسان أن يعوّد إلى نفسه أحيانا...خاصة حينما تكون هنالك مسألة حياة أو موت....فظهرت مجموعات أخرى عبر مواقع التواصل الإجتماعي تحذّر أو تدعو الشعب إلى ضرورة توخّي الحذر...فلم يكن من السلطة سوى الإعلان عن الحجر الصحي.
لم يجد الفيروس رادعا يردعه...بل أخذ ينتشر بسرعة...مما زاد في إنتشار الخوف والفزع ...الخوف من الموت..
لا أريد أن أموت بالكورونا....هي الجملة الأخيرة التي تلفظ بها أحدهم في الستينات من عمره وهو يشاهد على التلفاز ارتفاع عدد المصابين والموتى...
رغم كل هذا مازالت هناك فئات تزرع الفتن عبر الفايسبوك...وتستهزىء من كل شيء...كأن تظهر كتابات من بينها الحب في زمن الكورونا...أو حبيبتي لابسة كمامة تشبه الحمامة....وكل هذه الأشياء ما هي إلا غياب لثقافة التقبل...
ثقافة التقبل هنا أن نرحب بكل شيء بعد أن نتدارسه...فعوض من سياسة التفنيد والرفض...علينا أن نسعَ معا إلى إيجاد مخرجا من هذه الأزمة...هكذا قال شيخ لم يدخل المدرسة يوما....فالثقافة أحيانا نجدها عند المجانين والأميين..ولا نجدها عند النخبة التي فقدت دورها في المجتمع ...
لم يحترم الشعب قرار الحجر الصحي..بل واصل حياته كما لو أن لا شيء يهدده...لكن حين تكون هناك مسألة موت الكل يخاف ويهدأ...فظهرت عدة فئات من الحراك تساند الشعب المتضرر متقبلة بذلك قرار الحجر الصحي...ومع كل هذا لم يجد الفيروس مانعا يمنعه من الإنتشار السريع....فجاء قرار السلطة بالحجر الجزئي لبعض الولايات والحجر الكلي لولاية أخرى....فهل يا ترى تقبّل الشعب وجود الفيروس؟
هلّ رمضان وعادت غريزة اشتهاء كل شيء...أو مقولة بطني ثم عقلي...وأنسى لسان البطن جائحة كورونا...وراح الشعب يجري وراء الزلابية وقلب اللوز..وأشياء أخرى..ناسين أنهم بذلك سيتسببون في قتل أرواح كثيرة...
ومع صدور قرار فتح أغلب المحلات لا أظن أن هذا سيبشّر بالخير إن كان هناك وجودا للفيروس....
وكخاتمة لهذا المقال....هل هناك ثقافة التقبل في الجزائر..بعد أن غرس النظام الفاسد أنيابه في كل شبر من الوطن؟..ثم هل هناك وجود فعلي للفيروس في الجزائر؟ وما صحّة الارقام المرتفعة التي نشاهدها كل يوم عبر القنوات المختلفة؟ وما علاقة الأرقام الخطيرة بالإجراءات الأخيرة التي تفضّل بها الوزير من بينها فتح مختلف المحلات؟