مسيرة الخلود
...........................
هوَ ذا المحرمُ قد أقبلَ
محزوناً كسيراً يجرُ الخُطى
والعينُ داميةً قاذيةً هموعِ..
يُذكرنا بِأعرابٍ شانت فِعالُهم
بآلِ محمدٍ غدراً وتعطيشاً وجوعِ..
هو ذا الحُسينُ وآلهِ ورهطهِ
ساروا تُخومَ الليلِ وصلاً
صوبَ حُتوفِ رِقابِهم جُموعِ..
مُذ جَعْجَعَ الحُرُ الرياحيُ
يَحدي رَكبَهُم فمانعت دنيا
السُرور لا عودٌ ولا رُجوعِ..
وعَمَ دنيانا الحدادُ متجلبباً
أرواحَ شيعتهِ وتلبسَت
الأحزان في القلبِ الصَدوعِ..
يُسابقُني الدمعُ مدراراً بذكرِ
مصيبتهِ فتجفُ أحباري
والقصيدُ ينساب من دموعي..
ليتني في الطفوفِ روحاً
وجسماً كنتُ حاضراً فتفري
الأناتُ والآهاتُ كَبدي الولوعِ..
كم وكم تمنيتُ الزمانَ
عوداً لِبُرهةٍ فأُشاركهم
كَئودُ الرزايا شاكٍ فجيعِ..
وأبثُ شجىً قد غامرَ مُهجتي
طَوقَ أضلاعي ودارسَ
فؤادي ذا الجمر الزروعِ..
لِفَجِيعِهم فارقتْ عينايَ
طيبُ المنامِ وأسبلت
أدمعي غمورةً تنأى الهُجوعِ..
وأوقدتُ لظى جمرِ الفؤاد
متأججاً وضَجَتْ لِأساهم
روحي وكلَ أرجاء رُبوعي..
يُشارِكُني حُزني الفراتُ
فأسمعُ نُدبَ حظهِ كم قد تمنى
ماءهُ تعفيراً بِشفاهِ الرضيعِ..
ويشاطُرني بِحُزنهم أهلي
وكلَ نقي اللبُابةِ مصفى
في الأصلابِ ولوعِ..
عجباً للعينِ لم تُفارقْ
نورَ إبصارها وعجباً
للقلبِ بعدهم خَفاقاً قَبوعِ..
وهوَ يُخال آلَ محمدٍ
بأرضِ الطفِ قد صَكت
خيولُ العدا بمنظرٍ مهولٍ مروعِ..
وكيفَ راقَ لِقنا آل أُميةٍ
عِناقَ نُحورِهم وَصَلَت خُيولَهم
فوقَ الصُدور طحناً بالضلوعِ..
والسيوفِ كالبرقِ تشقُ
أصواتَ المَدى وتبرقُ
شاظيةً في عينِ النحورِ لموعِ..
وقد تواصوا إخوة
ورهطٌ مؤمنٌ صبراً فصبرا ً
ونيلُ شهادةً بلا رجوعِ..
تَساكنت أرواحُهم طمأنينةً
بدفئِ متيقنٍ وقد لَبسوا
القلوبَ متاريساً على الدروعِ..
فصُلبت لهم أجسادٌ مقدسةٌ
على أن لا يضيع لهم دينٌ
وتُدنسُ عقيدةٌ بخضوعِ..
وقد رَضعوا حُبَ الحُسين
لبناً سائغاً من طيبِ
أرحامٍ ونقيَ الضروعِ..
نادى العدا فالقى حُجته
بقلبِ متحننٍ راحمٍ
وطبولُ آل يزيدٍ رواقصٍ قروعِ..
حُسيناً ينادي بملئ إيمانهِ
إن كانَ دينُ محمدٍ لم يستقم
فيا سُيوف الغدر خُذيني قتلاً طَوُوعِ..
وأطعمي لضامي القنا
مني كل وتينِ وال محمدٍ
وصَحبهِم من شيبةٍ ورضيعِ
ها وقد نُذِرنا قرابين
لشُرعةِ النبي أحمدٍ نعانق الموت
بصافي القلبِ النَصوعِ..
فمالَ العِدى ومالوا وغدى الحُسين
على الرمضاء نثارُ أشلاءٍ
ثلاثَ أيامٍ سليباً صريعِ..
مُقطع الأشلاء منهوبِ الردا
مَسلوبِ العمامةِ ضمآناً
قد كانَ للروحِ البيوعِ
ويحَ قومٍ بالأمس قد
بايعوهُ طوعاً وها نكثوا
مرسالهم وعَهدِهم فكانوا خَدوعِ
أمطروهُ رسائلاً ما إن تعد
أن أقدمِ آلافاً قد غطت
عينُ السما عن الطلوعِ
ما إن تمثلَ ابنُ عقيلٍ لهم
وافداً ومبلغاً فتناهشوهُ
رمياً وتمثيلاً متوعِ
أرادوا لهُ ذلةً أن بايعِ
أسْلِمْ فَتَسلَم فأبى مضحياً
سليلَ طالبٍ أن يكونَ خَنوعِ
يومُ عاشوراء يومُ
رزيةٍ وخزيةٍ عرى
بهِ الباري مَنْ كانَ للدينِ بُوْعِ
يوماً تَشايمَ الذُباحُ بهِ
بكلِ خسةٍ وللأطفالِ
والنسوةِ تنكيلاً وروعِ
هذا رأسُ سبطِ محمدٍ
على رؤوسِ القَنا يُجابُ بهِ
مُشالاً بِشرِ قتلةٍ شَنوعِ
ضجت لحز منحرهِ أملاكُ
السما وعجت نازلةً تحجُ
رأس الامامة المرفوعِ
ألا يا مُزنةِ العينِ جودي
وانزفي جمرَ المُقل
فوقَ الخدودِ بركاناً لسوعِ
.
بقلم المهندس
محمدنعمة اللامي
العراق...💔