هم الليل .. ؟
لطالما أرعبني الليل بسكونه
بذلك اللون الأسود القاتم وبصمته الذي يؤرقني ، وبصفير ريحه التي يقشعر لها جسدي ، بتكتكات قطرات المطر على زجاج نافذتي ، كل شيء فيه يذكرني يخفني ويدفعني بقوة لدخول عالم مخاوفي وتلك الرحلة التي حدثونا عنها طويلآ
رحلة العدم .. ؟
الى المجهول والإندثار ، لعالم لطالما أرعبنا ذكره ، حفرة بداخل الارض وجنة عرضها السماوات والارض ، ونار إن لها هل إمتلئتي قالت هل من مزيد .
مازال حديث جدتي عالقآ بذاكرتي عن تلك الأرواح المرعبة التي تجوب الليل باحثتآ عن من لم يطبق جفنيه وغط بنوم عميق رغم أنفه .
أزهقوا طفولتنا وأحلام بتلك القصص والحكايات ، نلف أنفسنا من راسنا لأخمص قدمينا خوفآ من تلك الشخصيات .
وكأن الليل مرتع لهم ونحن ضحياهم المرتقبة .
يجن الليل علينا بكل مافيه من مخاوف من صنع خيالنا المريض .. ؟
عواء يملئ الشوارع المكتسية بالسواد والخاوية على عروشها ، لانعرف الخوف والألم الا بقدوم ذلك الضيف الثقيل الذي
يحل بنا كل ليلة ، من دون أو بذل أي
مجهود ، يجدنا أرض خصبة ليمارس دوره
المرعب علينا ، اجساد بلاروح ولاحلم ، أس أحلامنا أن يطرق زجاج نافذتنا نور الصباح لنتنفس الصعداء ونشعر بأماننا المفقود
رحلة يومية مفروضة علينا كل يوم
نموت كل ليلة ونعانق الحياة بعد ان تشرق شمس أماننا المنشود .
لتعود من بعيد من رحلة الخوف أرواحنا المهاجرة لكهوف نجاتها بخباياها الغامضة
بداخل هذا الجسد المستباح .
تراكمات دهر تأصلت بداخلنا حولتنا لأشباح نهارية فقط ومومياء لاروح فيها ليلآ .
ثقافة توارثناها جيلآ بعد جيل وراية لن نسقطها من أيدينا ونقلناها بكل أمانة الا وهي .. ؟
الأحزان والمخاوف وألم الجسد لايثار ال بالليل وبمنجله الأسود المعكوف .. ؟
وتحت تلك البطانية الأزلية .. ؟
نتوسد دموعنا ونبضنا الجريح وأحلامنا المؤجلة والمخنوقة من نعومة الأظفار ..
ونبحر ببحر الأشواق ونتذكر كل المواقف والآهات .. ؟
هنا ضحكنا وهنا تسامرنا وهنا تناولنا طعامنا ، وهنا لعبنا وهنا رسمنا قلب على جذع شجرة الحب ، وهنا ودعنا بعضنا والدمع يغرق عيوننا ، هنا قبرت قلوبنا بعد ان طعنت بخنجر الأقدار ، وهنا وهنا وكثرت تساؤلاتنا ومعها تأصلت مخاوفنا وعصفت بنا رحيل الخريف وبعثرت كل اوراقنا .
لتشكل كل تلك الامور مخلوق غريب لاينتمي لواقعه .. ؟
مخلوق يخاف من كل شئ لا لشئ .. ؟
بل هي سوء تربية مع اول صرخة بهذه الحياة .
العلم في الصغر كالنقش على الحجر لايزوال ولايندثر .. ؟
هم ليلنا المرعب بأفكارهم المظلمة التي زرعوها بداخلنا بكل حرفية وإتقان
أرضعونا الخوف وعادات بالية من صدور أمهاتنا ، ان لاتبكي ولاتظهر ضعفك أنت رجل ..؟
وتناسوا ان ذلك الرجل في النهاية هو إنسان ، وأن دموعه رحمة ليخفف ذلك الضغط الداخلي الذي بداخله ، أنت رجل عيب عليك ان يرمش جفنك وتظاهر بالقوة حتى وإن كنت بقمة ضعفك ، علمونا ان نبكي بصمت تحت تلك البطانية ، ان نبكي بحرقة قلبآ قتلنا برحيله ومخاوف تكاد تشل حركتنا ، وحلمآ لطالما تمنينا ان يتحقق .
نكروا على المرأة حقها بأن تعيش حياتها
وان تعبر عن مابداخلها ، رسخوا بنفسيتها ان لاتقترب من ذلك الوحش الكاسر المسمى بالرجل ، وإنها ( عورة ) وافعالها ستنعكس على أهلها بالسلب والإجاب ، لم يزرعوا الثقة بداخلنا ولم يضعوا امام الخيارات ، جعلونا نخاف من كل شيء
خوف يتعبه خوف ورعب يتبعه رعب اكبر
ونار تنتظرنا إن لم تنتبع ماعلمونا إياه
قزمونا وحددونا بحدون وهمية لاوجود لها
هم الليل وهم الأشباح وهم قتلة الفراشات بشرانقها وهم من أوئدو الربيع قبل حلوله
باتت الذكريات ترغبني وكأن لها قلبآ لاينبض الا ليلآ ليلاحقني لآخر العمر وأعود لملجيء الأمان تحت فراش الخوف والذكريات .
هم الليل
جاسم الشهواني
العراق