حين كان أبي يمنعني من طلاء الأضافر
كنت أقول لنفسي (حسناً.. سأضعه فيما بعد)
وحين كانت أختي الكبرى توبخني لأنني لاأُجيد صنع قالب الحلوى بالشكل الدقيق
كنت أقول (حسناً… سأتقنه فيما بعد)
حين كانت صديقتي تُقنعني أن لا أشارك في انتخابات الطالب القدوة
كنت ببساطة لاأملك من النقود مايكفي لشراء الهدايا اللازمة لمن يرشح إسمي ولأن هداياها جاهزة
كنت أردد (حسناً .. سأشارك فيما بعد)
حين كان أخي الكبير يعاقبني لأنني أشارك ابنه في الألعاب
كنت أردد (حسناً .. سألعب فيما بعد)
حين كانت المرشدة الأجتماعية تدعوني لسفرة مدرسية وأنا لاأملك نصف تكاليفها
كنت أردد(حسناً… سأذهب فيما بعد)
الوحيدة التي لم أستخدم معها كلمة (فيمابعد)
هي أمي
فمعها أنعكست الأدوار
ولأنها مريضة ..كنت حين أطلب أن أنام في حضنها تقول لي
ياحلوتي (فيما بعد)
وحين أطلب منها أن تشرح لي الدروس كما تفعل كل الأمهات تقول لي (فيمابعد)
وحين أريدها أن تلعب معي لعبة الغميضة
تقول لي( فيما بعد)
حتى حين أطلب منها أن تشتري لي بعض الملابس أو الألعاب
كانت تقول لي (فيمابعد)
كبرت ....
وزخرفت أصابعي بكل الألوان حتى مللت
وأجدت صنع قالب الحلوى بأبهى طعم
وشاركت في الترشيح لمنصب الطالب القدوة وفزت عدة مرات
ولعبت كثيراً بعيداً عن ألعاب ابن أخي
وذهبت للكثير من السفرات المدرسية
ملأت كل الفراغات التي تنقصني
الا فراغ أمي… لم يملؤه أحد
أمي…
هي الوحيدة التي لم يتسنى لي أن أعوض معها الفقد
وهي الوحيدة لم تفِ بوعودها معي
قدَّر الله أن تكون أمي في السماء
قبل ان يصل التاريخ
الـى ( فيما بعد)
" لقد أخذ فراقها مني عمراً كاملاً "
لي
عبير حميد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق