الجمعة، 26 يوليو 2019

قصة قصيرة {{ امنيات مذعورة }} بقلم الشاعر والكاتب العراقي{{رعد الإمارة}}

(امنيات مذعورة )

كانت على وشك القيام بتنظيف الجحر  في هذا الصباح الباكر حينما دوت اطلاقة الصياد!  كانت اطلاقة واحدةلكنها كانت قريبة وقد صكت اسماعها فأخذ جسدها يرتجف كله وتسارعت نبضات قلبها الصغير! وبأحساس الأمومة هرعت مذعورة فأرتمت فوق جسدي صغيريها ! كانا منذعران تماما ومنزويان في إحدى زوايا الجحر! ضمتهما بجسدها المرتعش أساسا فاصبحا كيانا واحدا! طفرت الدموع من عينيها الكبيرتين وهي تتخيل ذكرها الأرنوب الشهم في الخارج وادركت بأحساس الأنثى أي مصيبة قد حلت بها !تمالكت نفسها قليلا وابعدت جسدها  عن أجساد الصغار المذعورين! حدقت في ملامحهما الباكية الممتلئة رعبا وخوفا!سأعود فورا! ابقيا هكذا! فقط لحظات ثم سأكون هنا! لاتبكيا هل فهمتما! سيسمع الصياد حتما!هز الصغيران رأسيهما!دنت  الارنبة الأم منهما! حكت جسدها بفروهما الناعم مرات عدة ثم هرولت بخطوات خفيفة حذرة! كانت ترتجف عندما مدت رأسها من حافة الجحر! أخذت تنظر يمينا وشمالا حتى لمحت جسد أرنوبها العزيز! كان معفرا بالتراب وغير بعيد عنها! ويبدو إنه كان لايزال حيا! إذ كان جسده يرتعش! وقبل أن تخطوا خطوة واحدة تناهى إلى سمعها المرهف وقع أقدام كبيرة! حتما هو! تبا له!قد فطر قلبي هذا الصياد! ارتدت للخلف واخفت نفسها فيما انحنى الصياد وقبض بيديه الكبيرتين المشعرتين على إذني الأرنب الطويلتين وحمله فتدلى رأسه النبيل المضمخ بالدم! كان ميتا تماما وتلك كانت ارتعاشته الأخيرة وفكرت بأنه لو كان ثمة رسالة وداع منه فهي ستكون بالمحافظة على صغيريهما فحسب!أصبحت الدموع الآن أكبر حتى من عينيها وهي ترى عزيزها متدليا هكذا! كان بوسعها قبل أن يختفي الصياد اللعين! كان بوسعها رؤية فرو غاليها الهش وكيف لطخته بقعة كبيرة من الدم! ارتدت للأسفل ووجدت بأن ارنبيها الصغيرين مازالا يحتضنان  بعضهما! لكن عندما دنت أكثر افترقا ولاذا في احضانها! همست لها الارنبة الصغيرة الآن بصوت مختنق! امي أين البابا!لقد وعدني بجزرة أكبر هذه المرة!شعرت الصغيرة بهمهمة صدرت عن أمها لم تفهم لها معنى! لكنها سمعتها تهمس !ناما قليلا الآن! سيتأخر البابا! وقد اوصاني بأن أحضر الجزر لكما مكانه ريثما يعود! سأذهب الآن !فقط كونا عاقلين وعندما أعود سنتحدث مثل الكبار! هناك أمور يجب أن تدركا عنها شىء! قبل أن تخرج منحتهما قبلات كثيرة حتى إنها قضت وقتا أطول في شمهما! وعندما أصبحت خارجا رمشت بعينيها اللتان جف دمعهما السخي! كانت الجزرة الكبيرة مرمية غير بعيدة  عن الجحر! حدقت فيها وتذكرت ارنوبها الكبير ومداعباته لها في مساءات عديدة مضت! رفعت رأسها وضيقت مابين عينيها واخترقت بنظراتها حجب السماء الواسعة وهمست كما تفعل أي ارنبة منكوبة! لو إنك يارب خلقتني لبوة شرسة لما أخذ الصياد جسد ارنوبي الغالي !لو إن هذا حصل! ثم أحنت رأسها وهي تفكر وتفكر حول مغزى كون الأرانب ضعيفة كل هذا الضعف المخجل!!والجالب للعار!! (ملاحظة :قدتتشابه أحيانا قصص المخلوقات الأخرى مع قصص بعض البشر )

بقلم /رعد الإمارة /العراق

ليست هناك تعليقات: