الجمعة، 19 يوليو 2019

قصة قصيرة بعنوان {{صديقتي والوحدة}}بقلم المبدعة الجزائرية{{بن حميدة جميلة}}

(( صديقتي والوحدة ))

ذات مساء بيوم شتوي ممطر ومظلم والصمت يخيم
على الاجواء ، فقط تكتكات الساعة تخترق سكون المكان وعقاربها تشير إلى الخامسة مساء..

 رِّن جرس الباب ، ذهبت ابنتي سارة ذات العشرين عاما لتفتح الباب ..!!
فإذا هي صديقتي سامية  ، امراة انيقة ومرحة جدا حتى يخيل لك أنها عشرينية و هي في العقد الرابع من عمرها .. !!

تعيش مع زوجها بمدينة روسيكادا المطلة على البحر، 
تشتغل باحدى المؤسسات العمومية ، لكن لم يسعفها الحظ في إنجاب الأولاد الذين ذكرهم الله في كتابه العزيز الحكيم أنهم زينة الحياة ، وهذه النقطة تؤلمها جدا  إذ كل مرة تُذرف دموعا حارقة تجعلني أصمت أمامها وكأني أبتلع لساني  .. !!

سلَّمتُ عليها و جلسنا قرب المدفأة نتبادل أطراف الحديث ونحكي عن الاخبار والسياسة وغيرها من أمور الحياة !!

وفجأة سرحت سامية كثيرا وسألتني !!
 أوصفي لي الوحدة ياجميلة ...!!
تمعنت في عينيها وفي الحزن الذي تخفيه خلف نظراتها التي تَدَّعي الفرح كذبا وقلت لها !!

 الوحدة قاسية جدا يا رفيقتي ...!!
الوحدة هي هجرة الروح عن الجسد ... هي غياب الحضور والكل حولك ... !!

الوحدة هي أنك متعب جدا جدا ... وتبحث عن متكأ في وسط المكان ولاتجده ... تبحث عن الوقت في الزمان ويضيع منك ... تبحث عن روحك بين الخلان لكنك تتيه في مفترق الطرق ولاتجدها ..!!

الوحدة هي أنك في دوامة الحياة ...!!
ورياح الضياع  تتأرجح بك ذهابا وإيابا لترميك بأرجاء الفضاء ...لا أنت تسقط على الأرض ولاأنت تصعد إلى السماء لترتاح ....بل تبقى في منتصف الأشياء .. منتصف الزمن ... منتصف المكان .. منتصف الحزن ... منتصف العودة ...كلك اصبحت بمنتصف ذاتك .. !!

الوحدة هي أن يذوب الجسد إحتراقا او تهلك الروح إختناقا ... !!

الوحدة هي الإنتظار اليتيم حيث الثانية فيه بألف سنة ضوئية واللقاء يبعد بمسافة قدرها ألف مجرة كونية ..!!

الوحدة أن تشتعل  بقلبك آلاف الحرائق وآلاف القلوب لاتستطيع اطفاءها او اخمادها إلا القلب المفقود ...!!

دعينا نرتشف فناجين الوحدة ياصديقتي .. !!
فمذاقها لايستساغ إنه بمرارة العلقم .. !!
وقِطع سُكرِها ذبحات بعمق الوريد ...!!
أما وجهها فهو مخيف جدا ومظلم ...مثل  شبح بالليالي الحالكات ..!!

إرتشفت صديقتي سامية فنجانها وقلت لها هل تريدين المزيد ..؟؟؟ !!!
قالت لا والله ياجميلة وحشرجة بصوتها تكاد أن تخنقها  ....!!!
لقد استنزفت الوحدة حاسة التذوق عندي !!

دعيني ألعب مع إبنتك الصغيرة فالبراءة فقط تقتل الوحدة ..!!

راحت تهمهم مع ابنتي بكلمات وابتسامات مصطنعة وأديم عيونها يكاد أن ينفجر  وابلا من الدموع ..!!

حينها ادركت  أن صديقتي سامية قد أضنتها الوحدة ومرغت روحها بوحل الأنين وحرقة التناهيد  !! 

استجمعت كلماتي المبعثرة وأنا أربت على كتفها وقلت لها غيري القناة لعلنا نجد مزحة من سكاتشات الممثلين الفارغة التي تشبه أرواحنا !!

ردت قائلة  ياصديقتي جميلة هذا  العالم بائس جدا دعينا نملأ هذا الفراغ بضجيج الضحك المستعار قبل أن يداهمني إغماء الوحدة  وتنقر وجهي غربان  الأنتحار  العاتم !!.

فقلت لها :
دعي سنونوات الامل وحمام التفاؤل ترفرف بسماء أرواحنا
فالحياة لاتستحق أن كل هذا العناء !!. 

 الجزائرية بن حميدة جميلة 
بتاريخ :23 جوان 2019

ليست هناك تعليقات: