طبعا القصة الي كتبتها حقيقية وحدثت في العراق وخاصة في مدينة المسيب بعام ٢٠٠٥ حيث حدث انفجار صهريج محمل بالنفط راح ضحيته ٢٤٠ شهيد من غير الجرحى...
صهريج الغمامَةِ السوداء....
في مدينتي الصغيرة وقبل عدة سنوات زارها المَوتُ على هيئة انفجار كبير خلفته ايدي الجُرذان القَذِرة بصهريج الغمامَةِ السوداء المُحشى بعَناكِب المَوتِ المُحتَم......
جثَثٌ ابتلَعها بَلاط الشوارع فالتَهمها فَمُ الأَرضِ بأسنانِ الشَظايا فباتَت قبورُهم تحت عَجلات السيارات واقدامِ المارّةِ....
كُلَّ لَيلَةٍ تقصِدُ بيبان المساجِدِ قبورَهم المُغطاة بتراب اللامبالاة النتن لتقرأ عليهم اناشيد الحُزن الموشَحة بآيات القرآن الطاهره.....
أشلاءُ أطفالٍ مَرميةٌ وسطَ المساجِدِ فأنبَتت زهوراً يتطَهرُ بها كُل من يقصِد الصلاة.....
ماءُ الوضوء اختلطَ مع دِماء الشُهداء فلا اعلَم من طهَّر مَنْ؟
لان الأثنان اطهرُ من بَعض....
خفافيشُ الغَدرِ ابتَلَعت فراشاتَ الفَرح التي تَتجول في المَدينةِ الصغيرة فلَم تبقى إلاّ بعضُ القِطَع منها....
حاوَطَت النيران كلّ المكان لتركُضَ خَلفَ من أرادَ الهروبَ منها فأمّا ان تَحتَضنَهُ بأَذرُعِ الشوق او تَترُكَ على جَسَدِهِ أثَرٌ لا يمحى بمُرَورِ الزَمَن.....
ومن ضِمن ضَحايا الانفجار المغطى بأشواكِ الخيانة تلكَ الزَهرة البيضاء التي زَرعَتها خالتي بحَديقَةِ المَدينَةِ لتُنيرَ أزقَتها ببساطَةِ مَنظَرِها فَسَقَتها بتَعبِ السنين وقَطرات الارهاق المُتصببة مِن جَبينِ المُعاناة حتى أصبَحت الزَهرة في يَرَعانها الرائِع فأَخَذتها عاصِفَةِ الجَحيم المُتأججة من فَمِ ذلكَ الصهريج الحقير فأحتَضنتها الشظايا بسَوادِ السُموم فَلم يتبقى مِنها شيء سوى بياضُ أعمالها في سِجلها المذبوح بخناجرِ الصَبر فتَساقَطت أوراقُها حامِلَةً معها ابتهاج بيتِها المُنطَفِإ باضطرامِ اللَهبِ فتحَوَلَت تلكَ الأوراق إلى طائرٍ أمهَق صغير طارَ مُحلّقاً إلى اعالي السَماء ليكونَ مع النجوم اللامعة......
أما مدينتي فقَد التَفّت عليها أفعى سوداء نَفَثَت سُمَّها في أزقةِ المدينة وحتى على ارصِفَةِ الشوارع لتكوِّنَ الغَمامةَ القاتِمة التي تملأ المكان.......
✍️قمر حسين أحمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق