الخميس، 19 سبتمبر 2019

قصة قصيرة بعنوان {{حكاية شيء}} بقلم الاديب العراقي القدير الاستاذ {{رعد الإمارة}}

{{حكاية شيء}} 
عندما تلاقت نظراتنا في أول مرة،أتذكر إنها اطالت التحديق في وكأنها تعرفني منذ زمن!ابتسمت بود ثم انحنت بجسدها الرشيق الممشوق ،مدت اصابعها الرفيعة البيضاء،اخذت تتحسسني فشعرت بذبول وخدر.كان عطرها في اثناء انحنائها العذب قد ملأ انفاسي ،وتمنيت لحظتها لو أنني قضيت العمر كله معها!وهكذا فعندما اصطحبتني أخيرا شعرت رغم سعادتي بالاسى،فهذا المكان كان بمثابة داري، وقد وجدت فيه الأمان والدفء والصحبة الطيبة. لم تستغرق عملية توديعي لرفيقاتي سوى لحظات معدودة، وقد تركنا مسألة رؤية بعضنا البعض للصدف فحسب! وجدت نفسي خارج المكان بصحبة صديقتي الجديدة، كانت مفتونة بي، ترمقني مابين لحظة وأخرى بزاوية عينيها.رحنا نتجول ونحن شبه ملتصقتين،وكانت عبارات الغزل تنهال عليها من كل جانب، يصاحبها أحيانا صفير إعجاب مدوي، ولم أكن من خلال النظرات الخاطفة التي كنت اصوبها أحيانا نحوها بمتأكدة إن كانت سعيدة بي أم بنفسها! كل ما أعرفه إنها كانت تضغط مابين الحين والآخر بأصابعها على جسدي،وفي كل الأحوال فقد قررت بأن أكون أكثر اشراقا، خاصة وقد كنت بيضاء اللون بمظهر يدير الرؤوس. كانت أسعد لحظات حياتي هي عبارات الإعجاب التي كنت اسمعها فيما بعد من صديقاتها عندما كنت ارافقها،لقد زاد تعلقنا ببعضنا حتى اصبحت مسألة افتراقنا من النوادر ،وقد بادلتها حبا بحب، ولطالما أشحت بنظراتي بعيدا هربا واشمئزازا من نظرات الإغراء التي كانت تتصيدني أحيانا من النساء العابرات! فالوفاء كان طبعي الذي نشأت عليه. وهكذا مرت أيام طويلة وكانت علاقتنا خلالها تزداد اواصرها ألفة، كنا أحيانا لانفترق إلا عند النوم!لكن حدث ما كان لابد أن يحدث! إذ شاب علاقتنا الملل،وجدتها فجأة تتجاهل وجودي،وان حدث واقتربت مني ،فللحظات معدودة فحسب ،وحتى في هذه اللحظات الشحيحة كانت تنظر بعيدا،وكأن بي جذام .وكعادتي لم اعاتبها بل اعتبرت أن الصمت سيكون أفضل في مثل هذه الأمور!فما كان بيننا لم يكن حبا بل اعجابا لم يقدر له النمو،وهكذا شعرت بدنو نهايتي!إذ لاحظت وانا في رفقتها باليوم التالي أنها تحدق كثيرا في كل الإتجاهات وتتلفت أكثر، ثم أخيرا وجدتها تدخل لذات المكان الذي فيه التقينا اول مرة!كنت سعيدة لعودتي فهاهي الديار أخيرا، بقيت ملتصقة بها لبعض الوقت وانا احدق في المكان الذي لم يتغير كثيرا،ثم شعرت بأن جسدي يهبط أخيرا ووجدت نفسي في أحضان شقيقاتي أو بالأحرى بعض شقيقاتي فقسم كبير منهن ماكان موجودا! اخذنا نحكي لبعضنا عن رحلتي وعن من غادر ومن لم يبرح المكان ،وفيما انا اسرد لهن بعضا مما مررت به إذ حانت مني التفاتة ،ووجدت نفس العينين تحدقان في وثمة بريق يلمع فيهما وعلى كتفها الأيمن كان ثمة حقيبة يد أخرى تعلقت! تبدو أصغر واجمل مني!!

بقلم /رعد الإمارة /العراق

ليست هناك تعليقات: