(طعم الطفولة) كنت اراجع دروسي، لا بل كذبت! كنت اطالع إحدى روايات اجاثا كريستي حينما وقفت أمامي، وضعت طفلها الصغير دون أن تتكلم! ابعدت الكتاب عن مرمى نظري،رحت احدق فيه، الكائن الصغير ذو الشعر الأسود والعينين اللوزيتين كان يحاول الوصول بيديه الصغيرتين للامساك بطرف الكتاب، لكن بدون جدوى، لحظات ثم عادت، تلك كانت زوجة عمي الشابة المزمومة الشفتين، هذه المرة انحنت ووضعت قدحا كبيرا ابيض اللون،ممتلئ بمسحوق السيريلاك حتى حافته! أشارت لي بحاجبها، ثم استدارت منصرفة نحو الحمام وهي تحمل تحت ابطها بعض الثياب المتسخة. مد الطفل الناعم الملامح أصابعه، حاول أن يمس القدح، بأسرع من لمح البصر كنت قد رفعت القدح عاليا وابعدته عنه ، فاحت قرب أنفي رائحة السائل الأصفر التي بدت شهية! رمقت الطفل الزاحف صوبي، ثم حولت نظري صوب الباب، وبسرعة وضعت الملعقة الصغيرة الممتلئة حتى حافتها في فمي، ياالهي! اتسعت عيناي دهشة من لذة السائل هذا، راح قلبي يدق بسرعة، كيف لم انتبه لهذا المسحوق الأصفر المذهل!! تبا، أين كان هذا السيريلاك عندما كنت صغيرا! للحظة شعرت بالنقمة على أمي وأبي،لقد ظلما طفولتي! راح الطفل الأحمق يصدر أصواتا بدى عليها الغضب، وهو يلاحق بعينيه ويديه الملعقة التي كنت أغرف فيها من السيريلاك! تناهى لأذني فجأة صوت خطوات، ملأت الملعقة بسرعة ثم اودعتها فم الطفل المندهش ورحت اناغيه! وقفت زوجة عمي عند الباب، نادت على طفلها، استدار هذا وراح ينظر لها بفمه الملوث بالسائل الأصفر، دنت منه، انحنت وحملته ثم راحت تدور به،كف عن الضحك وراح يرمقني بعينيه،أشار بأصابعه صوب القدح شبه الفارغ، تتبعت أمه نظراته، مدت يدها، راحت تحدق للقدح مرة ولي مرة، عقدت حاجبيها، همست للطفل وهي تخرج، تعال حبي سأملئه لك مرة أخرى!قبل أن تختفي استدارت صوبي ثم هزت رأسها، مددت اصابعي نحو فمي، سحقا،كان ثمة شارب رفيع فوقه، لكن من السيريلاك طبعا!!
بقلم /رعد الإمارة /العراق
2/1/2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق