الاثنين، 6 أبريل 2020

قصة قصيرة بعنوان {{يطلق ضحكات كبيرة}} بقلم القاص العراقي القدير الأستاذ{{رعد الامارة}}

عابر سبيل، يطلق ضحكات كبيرة 

1 (بروكلي وليس بروسلي) في وقت متأخر، وعندما كان الأرق الكريه يصاحبني كظلي، رن هاتفي، إنها هي حتما! وجدت رسالة منها عالفايبر تقول فيها، شلونة حبيبي الكاتب! ليش سهران!. وجدت نفسي اتهيأ للرد عليها، لكنها لم تمنحني فرصة لألتقاط أنفاسي،كانت سريعة في الكتابة، وبدت رسائلها غاضبة، حاولت طمأنتها على صحتي ،وأكدت لها بأني محبوس في غرفتي! عندها هدأت حروفها وكتبت :
-بكرا لازم تشتري بروكلي، ثمنه زهيد، لكن فوائده عجيبة، مو تنسى! كيلو بروكلي. تباطأت في الرد عليها، كنت قد سمعت بهذا البروكلي من قبل، لكني لم أذقه في حياتي، أتذكر إنه من عائلة القرنابيط أو شيء من هذا القبيل، شعرت بالخجل حين فكرت بالأستفسار منها عنه، قد توبخني كعادتها! وكأنما  شعرت بترددي!  أرسلت لي صورة البروكلي بلونه الأخضر الفخم ، ثم الحقتها بصورة أخرى له ،وهو مغمور لمنتصفه في الماء بقدر متوسط الحجم،  ثم أرسلت تحت ذلك كله صورة ايموجي  وهو يخرج لسانه، دلالة الطعم اللذيذ ! علت الإبتسامة ملامح وجهي ووجدت قلبي يخفق بشدة، آه، لطالما اسعدتني برسائلها التي كانت خير حافز لي ،في مواصلة مشوار الحياة المتعبة! توالت كلماتها عالفايبر مثل طلقات الرصاص، قالت،  نغليه بالماء، نضع الملح فوقه، ننتظر حتى يذبل، كنت فقط اتابع كلماتها وارد بكلمة واحدة تتراوح بين إي مرة ونعم مرة!. كنت في أثناء ذلك أبحث عن فرصة مناسبة لصب كلمات الغزل وكأنها بجانبي، ياربي، أقسم بأني كنت أستطيع شمها والشعور بها والقبض على اصابعها البيضاء الرشيقة، الخبيثة لم تمنحني فرصة، لكنها عادت وسألتني إن كنت ما أزال أدخن! كتبت وبسرعة رهيبة قائلا وكأنها تقف فوق رأسي، قلت :
-لا، تركت التدخين منذ حوالي الأسبوع. لم تنطوي كذبتي عليها، فأرسلت صورة ايموجي ينظر بطرف عينه، وثمة ابتسامة سخرية ترتسم بصورة واضحة في زاوية فمه، رفعت رأسي وأخذت أتلفت يمنة ويسرة، تنهدت بقوة وحمدت الرب إنها لم تكن هنا، وإلا لشاهدت آثار الجريمة المتوهجة بين أصابعي!! (تمت)

2(شارلي شابلن) كان العريف المصلاوي ذي الوجه الأحمر والشاربين الأسودين كالفحم يمشي أمامنا بصورة مستقيمة، كنا ستة شبان من ضمن العشرات ممن ارسلتهم الدولة لقضاء فترة العطلة الجامعية في التدريب! لم يكن بوسع أي أحد الإعتراض ،وكان هذا الأمر يحدث في نهاية كل عام دراسي، حتى إننا في النهاية تعودنا عليه وانتهى الموضوع!. كان العريف شبيه الطاووس يمشي بخفة وهو يحمل سلاحه ،ساندا اياه على كتفه، والعجيب إن رفاقي الخمسة كانوا يحاولون تقليده في كل شيء،حتى في حبات العرق التي كانت تسيل على جبينه! أما أنا فقد كنت مختلفا عنهم، فقد شاء حظي أن أكون فكاهيا مرحا، ولاحقا دفعت ثمن فكاهتي اللعينة هذه وبأمتياز! كنت احدق في ظل العريف وهو يسير أمامنا، وكانت حبات العرق تتجمع بصورة سخيفة على جبيني ،ثم تنزل شاطرة نفسها إلى مجموعتين، واحدة تداعب أرنبة أنفي،والأخرى تخرق عيني مما كان يجعل من  وجهي مسرحا لعمليات عدة، فالأنف يرقص والعين تغمز، ولم يكن وضع  رفاقي الخمسة بأفضل مني بأي حال من الأحوال! قف! دوى صوت العريف بقوة حتى كاد أن يخرق أذني، توقفنا جميعا، حتى أننا كدنا أن نصطدم ببعضنا البعض! التفت صوبنا بعد أن لوى رقبته وجسده بشكل فاتن ومتناسق، قال :
-تهيأوا، خذوا نفسا عميقا، إنها فرصة!لن تجدو مثل هذا  الهواء  الطيب بغير الموصل. أخذنا نسحب الهواء من حولنا، كنا نفعل ذلك ونحن نحرك وندير الأكتاف والأعناق بصورة سريعة وإن بدت مضحكة، ثابت! دوت هذه الكلمة، كانت قادمة من فم العريف المزموم،راح يتفحص وضعية بنادقنا وأخذ يدور حولنا ثم اولانا ظهره ودوت كلمته السريعة وهو يمطها مطا ، عادة سر. عاد العرق الكريه يتصبب على جباهنا، حاولت ترقيص حاجبي قدر الإمكان في محاولة مني لأبعاده،لفت نظري ظل العريف الصارم، لا أعرف كيف تذكرت شارلي شابلن اللعين، هيأت نفسي وأخذت اقلد حركته المثيرة، دفعت بمؤخرتي للخلف بصورة بارزة ونفخت صدري واخذنا نتراقص أنا والبندقية بمشية عسكرية لا أول لها ولا آخر! حاول رفاقي كتم ضحكاتهم التي فلت أغلبها ،فأنطلقت مخترقة انوفهم بشخير لفت نظر العريف، وجدته يهتف بقف ويلتفت بسرعة، قطب حاجبيه، كان ثمة نقطة عرق كبيرة،تجمعت بشكل بارز في منتصف جبهته، فجأة إبتسم بوجهي كما لم يفعل ذلك من قبل، قال :
-ضع سلاحك أرضا، نعم هكذا، أفرد ذراعيك الآن للأمام، والآن تعالوا يا أولاد، رفيقكم البطل هذا سيحمل عنكم بنادقكم جميعها! شعرت بأن عيني كادتا أن تبرزا من محجريهما، كدت أن أبكي من شدة الوجع الذي انبثق من صدري ، رحت احدق في العريف تارة وفي ذراعي المرتعشان تارة أخرى، توقفت عن التنفس، كان الوجع لايطاق، مشى العريف وتبعه الرفاق الخمسة، حاولت اللحاق بهم، تبا، ليس أكثر من خطوتين! وجدته يعود ويدور حولي هامسا بفحيح تخلله ضحك كريه:
-البندقية شرف، أنت تحمل شرفك وشرفي وشرف رفاقك! عليك أن تحافظ على ذلك. غمرتني فجأة موجة ضحك كادت أن تفلت من فمي،أخذت الهث بصوت مسموع ورحت اسعل، تخيلت شرف الجميع يهوي من بين ذراعي! قف، دوى صوته وقال :
-بسرعة، ليأخذ كل منكم بندقيته، أقصد شرفه!. لا أعرف كيف واصلت السير خلف العريف ورفاقي، لكن خيل الي إنه كان أحيانا يرمقني بطرف عينه وكأنه يقول:
-هل تعلمت درسا! أم تراك تطمح بالمزيد. العجيب في الأمر إني مع مرور الوقت، ونحن نمشي في طريق العودة، أخذت أسير بشكل متناسق وبصدر منفوخ للأمام،شعرت بأن مشيتي العسكرية هذه،قد أصبحت أفضل حتى من مشية الطاووس والعريف معا!!. 

                            تمت

ليست هناك تعليقات: