عذرًا نينوى
..
تجمّلْ أيها الطللُ المحيلُ
..
تجمّلْ أيها الطللُ المحيلُ
و ودعْهم فقد أزف الرحيلُ
وصبرًا إن يعزَّ عليك بُعْدٌ
فإنّ الصبرَ في البلوى جميلُ
ولا تذرفْ دموعَ العينِ حُزْنًا
وتذكرُهم إذا جنحَ الأصيلُ
وتذكرُهم إذا طلعتْ شموسٌ
وتذكرُهم إذا هتفَ الهديلُ
وخذْ قولي وإن خالفتُ نصحي
يخونُ العهدَ في الهجرِ الخليلُ
عليهم تذرفُ الأحبابُ دمعًا
لهم في فقدهم ليلٌ طويلٌ
على دار الأحبةِ يوم أمستْ
خرابًا حلّها عبءٌ ثقيلٌ
ديارٌ قد خلتْ من ساكنيها
فقلبٌ بعد نأيهمُ تبيلُ
عيونٌ ماؤها ملحٌ أجاجٌ
وجسمٌ من مواجعهم عليلُ
أراهم نائمين على ترابٍ
كريمِ الأصلِ قد طاب المقيلُ
فلولا الحلمُ ما بقيتْ عقولٌ
لما قد بزّها الخطبُ الجليلُ
وكائن من فتًى يبدو خفيفًا
تميلُ الراسياتُ ولا يميلُ
وكائن مَن ترى يبدو رجيحًا
وفي الميزانِ يرجحه الفتيلُ
فلو أنّ الأناسَ كما عهدْنا
لما ظلّ الأسى فيها يجولُ
وما ظلّت رياحُ الصيفِ تذري
على أشلائها ترْبًا تهيلُ
فعذرًا نينوى لم يبقَ حرُّ
من الأمجاد تنميهِ القبيلُ
كريمًا كي يعينَ على مصابٍ
كثيرٌ من مواجعِهِ القليلُ
فلا تبكوا عليهم كلَّ حينٍ
ولو أنّ النوى خطبٌ جليلُ
إذا كان المثالُ بكلِّ نبتٍ
فليس مثالَهم إلا النخيلُ
وقد تركوا مآثرَ صالحاتٍ
تزول الراسياتُ ولا تزولُ
ولو تعبتْ جسومٌ في شموسٍ
ففي الفردوس ظلُّهمُ ظليلُ
ولا تزرعْ لهم في الأرض ورْدًا
عطاءُ اللهِ في الأعلى جزيلُ
..
الشاعر عبدالقادر الموصلي
يوم عرفة
1441 هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق