السبت، 12 سبتمبر 2020

ج(الأول) من قصة {{أميرة القبح}} بقلم الكاتب القاصّ العراقي القدير الأستاذ{{جاسم الشهواني}}

أميرة القبح

الجزء الاول

محمد غارق ببحر الأضابير التي تنتشر بكل
مكان . رفوف ممتلئة سجلات مزدحمة
منضدة لاتتسع لكوب الشاي الساخن الذي
يحرق يديه . يصاب بحالة هستيرية من قلة
التدخين .. ؟
موظف منسي بقسم الإرشيف بدائرة التسجيل العقاري . 
وظيفة لاتلبي طموحه ولاتوازي شهادته الجامعية . هو مجبر على هذا العمل ليؤمن
قوت أسرته المكونة من أربعة أفراد .
عقارب الساعة تعانق بعضها وتكره الإبتعاد الدوران حول قرص الساعة الجدارية . كل شيء ضده حتى الوقت وتكتكة العقارب المتثاقلة . عزائه الوحيد راتبه الشهري يسقبضه بعد إنقضاء أيام الشهر الطويلة . والحاج أحمد عامل الخدمة بالدائرة .
إنتهى الدوام الرسمي بعد طول عناء .. ؟
خرج أحمد من ذلك القبو لينظر لقرص الشمس الحارقة بشهر تموز بشغف .
رائحة العفن عطرت ملابسه الأنيقة . وأنفاسه الثقيلة وسعاله المستمر من أثر الرطوبة المتأصلة بذلك القبو المظلم .
يدخل شقته المتواضعة .. يلقي التحية
على زوجته يلتف حوله أطفاله الأربعة
لقد إعتادوا ان يجلب لهم الشكولاته كل يوم . يتناول وجبة الغداء بتأني لان هذه الوجبة هي موعده الوحيد للجلوس مع أفراد عائلته .
يغمض عينيه ليأخذ قسطآ من الرائحة
يستيقظ عصرآ يتوضئ ويصلي صلاة العصر . بعد الإنتهاء من صلاته يحتسي
كوبآ من الشاي ويأكل معه الكعك الذي
تعده زوجته . 
يشكو همه لزوجته من عمله بذلك القبو
وتلك الوظيفة المملة . زوجته العاقلة
تمنحه جرعة من الصبر ليستمر على ماهو عليه ليتمكنوا من الإستمرار .
يغير ملابسه ويتعطر ويحمل بيده كتابآ
ليقرأه بتلك المكتبة أو يستعير كتابآ منها .
يطبع قبلة على جبين الزوجة الرائعة . 
يخرج متجهآ للمكتبة المركزية بمدينته
هو أحد القراء المواضبين فيها . تستقبله
موظفة الإستعلامات بإبتسامة كلها ود وإحترام . ترحب فيه بحرارة هو رجل محترم ومحبوب . 
سألها ممازحآ .. ؟
أكيد .. أنا القارئ الوحيد الذي يؤرقكم بوجوده كل يوم .. !
إبتسمت وأشارت له بيدها أن إقترب .. ؟
إقترب منها وكله أذان صاغية 
قالت له .. ؟
هناك منافسة جديدة كم ستصمد لاعرف
هي تقرأ بداخل القاعة .. لكنها تبدو مختلفة
تبدو قارئة من الطراز الرفيع .
أثارت فضوله ليراها .. سار بالممر الطويل المؤدي لقاعة القراء . طبعا الهدوء كان مايميز المكتبة . 
دخل القاعة الطويلة بعد إستعار رواية ليقرئها . كانت المنضدة الطويلة تتوسط
القاعة . السيدة تجلس عند قدمتها . قرر أن يجلس عند نقطة النهاية . 
كانا متقابلين وتفصل بينهما تلك الطاولة العملاقة .
فتح غلاف الرواية وبدأ بالقراءة ..

                           يتبع

                                     جاسم الشهواني
                                            العراق

ليست هناك تعليقات: