أميرة القبح
الجزء الاول
محمد غارق ببحر الأضابير التي تنتشر بكل
مكان . رفوف ممتلئة سجلات مزدحمة
منضدة لاتتسع لكوب الشاي الساخن الذي
يحرق يديه . يصاب بحالة هستيرية من قلة
التدخين .. ؟
موظف منسي بقسم الإرشيف بدائرة التسجيل العقاري .
وظيفة لاتلبي طموحه ولاتوازي شهادته الجامعية . هو مجبر على هذا العمل ليؤمن
قوت أسرته المكونة من أربعة أفراد .
عقارب الساعة تعانق بعضها وتكره الإبتعاد الدوران حول قرص الساعة الجدارية . كل شيء ضده حتى الوقت وتكتكة العقارب المتثاقلة . عزائه الوحيد راتبه الشهري يسقبضه بعد إنقضاء أيام الشهر الطويلة . والحاج أحمد عامل الخدمة بالدائرة .
إنتهى الدوام الرسمي بعد طول عناء .. ؟
خرج أحمد من ذلك القبو لينظر لقرص الشمس الحارقة بشهر تموز بشغف .
رائحة العفن عطرت ملابسه الأنيقة . وأنفاسه الثقيلة وسعاله المستمر من أثر الرطوبة المتأصلة بذلك القبو المظلم .
يدخل شقته المتواضعة .. يلقي التحية
على زوجته يلتف حوله أطفاله الأربعة
لقد إعتادوا ان يجلب لهم الشكولاته كل يوم . يتناول وجبة الغداء بتأني لان هذه الوجبة هي موعده الوحيد للجلوس مع أفراد عائلته .
يغمض عينيه ليأخذ قسطآ من الرائحة
يستيقظ عصرآ يتوضئ ويصلي صلاة العصر . بعد الإنتهاء من صلاته يحتسي
كوبآ من الشاي ويأكل معه الكعك الذي
تعده زوجته .
يشكو همه لزوجته من عمله بذلك القبو
وتلك الوظيفة المملة . زوجته العاقلة
تمنحه جرعة من الصبر ليستمر على ماهو عليه ليتمكنوا من الإستمرار .
يغير ملابسه ويتعطر ويحمل بيده كتابآ
ليقرأه بتلك المكتبة أو يستعير كتابآ منها .
يطبع قبلة على جبين الزوجة الرائعة .
يخرج متجهآ للمكتبة المركزية بمدينته
هو أحد القراء المواضبين فيها . تستقبله
موظفة الإستعلامات بإبتسامة كلها ود وإحترام . ترحب فيه بحرارة هو رجل محترم ومحبوب .
سألها ممازحآ .. ؟
أكيد .. أنا القارئ الوحيد الذي يؤرقكم بوجوده كل يوم .. !
إبتسمت وأشارت له بيدها أن إقترب .. ؟
إقترب منها وكله أذان صاغية
قالت له .. ؟
هناك منافسة جديدة كم ستصمد لاعرف
هي تقرأ بداخل القاعة .. لكنها تبدو مختلفة
تبدو قارئة من الطراز الرفيع .
أثارت فضوله ليراها .. سار بالممر الطويل المؤدي لقاعة القراء . طبعا الهدوء كان مايميز المكتبة .
دخل القاعة الطويلة بعد إستعار رواية ليقرئها . كانت المنضدة الطويلة تتوسط
القاعة . السيدة تجلس عند قدمتها . قرر أن يجلس عند نقطة النهاية .
كانا متقابلين وتفصل بينهما تلك الطاولة العملاقة .
فتح غلاف الرواية وبدأ بالقراءة ..
يتبع
جاسم الشهواني
العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق