بدا غصنًا تأوّدَ فاستمالا
فمال القلبُ ينفعلُ أنفعالا
ومَن يقوى على نفسٍ تصابت
وقد رأتِ الكواعبَ والدلالا
نفوسُ العاشقين تهيمُ وجدًا
إلى وجه المها ترجو بلالا
ويُطفأُ شوقُها بالماءِ عذبًا
وقد وردت محاسنَها نهالا
كأنّ عيونها سيفُ ابن ريبٍ
إذا سُلّتْ مضاربُهُ أسالا
كأنّ بثغرها حباتِ مزنٍ
على ورد الأقاحي قد تلالا
فهل جادت لكِ الغيماتُ غيثًا
على ظمآنَ قالت لن ينالا
فإنّ البعدَ أيسرُ ما ترجّي
وما أشقاك لو رمتَ الوصالا
ولمّا أن رأيتُ الوجدَ أشقى
لقلب الصبّ لم أبرِ النصالا
يموتٌ الوالهون بكلّ يومٍ
أحبُّ إليّ أن يمضوا عجالا
ضعافُ الخلقِ أصفاهم قلوبًا
وأنكاهم إذا رامت نزالا
بنقص عقولنا نسبي عقولا
ونوردها المهالك والضلالا
أسلنا جامدَ الأذهان شعرًا
وكانت بنتُ قرطبةٍ مثالا
تركناكم ترون الليلَ دهرًا
تناجون الكواكبَ والهلالا
تمنّون الوصال ولا نبالي
وإن نرأفْ أتيناكم خيالا
فنوحوا والدموعُ لها سكوبٌ
كما ناحت لبلواها الثكالى
ولو شئنا قصرنا الليلَ وصلًا
وأنجزْنا الوعودَ ولا مطالا
ولكنّا خشينا أن تقولوا
غلبنا البيضَ و السمرَ الطوالا
وجدناكم ضعافًا عند حسنٍ
فزدناكم جروحًا أو خبالا
كماةً دارعين بلا سلاحٍ
وفرسانًا رددناكم رجالا
وأنزلنا الهزائم موجعاتٍ
وما زلتم تمنّون القتالا
تمنّينا الحروبَ وقد هُزِمْنا
فهل كانت أمانينا ضلالا
ولم نظفر بحربِ الغيدِ يومًا
وقدْمًا كانتِ الهيجا سجالا
ومعوّجٌ من الأضلاعِ كانت
بقرب القلب ترميه النبالا
نزلتُنَّ الصدورَ بغير أذنٍ
من الفتيانِ حزتُنّ الشمالا
ومَن دخل الحروبَ بلا قلوبٍ
فلا يسللْ سيوفًا أو نصالا
فإنّ الجندَ لا يرجونَ نصرًا
إذاما الملْكُ للإعداءِ والى
فكسّرنا السيوفَ وما ندمنا
تركنا الخيلَ فردًا أو رعالا
سحرتنّ الرجالَ بناظراتٍ
بأحداقٍ يحركنَ الجبالا
إذا ترنو إلى ماءٍ أجاجٍ
تكاد تسيلهُ ماءًا زلالا
ولو ترنو إلى أرضٍ قفارٍ
تخالُ تفجّرُ الأنهارَ حالا
ويرتبكُ المحنّكُ في قواهُ
تريهِ بناجرٍ دَجْنًا طِلالا
ويملكُ عقلَهُ حينًا وحينًا
يرى الأنهار لا يجرينَ آلا
وما شمتُ الربابَ تنيلُ خيرًا
وقد حسنت لها الأسماءُ فالا
فلا المجروحُ معطوفٌ عليهِ
ولا المحرومُ تعطيه النوالا
ومنّينا النفوسَ بعامِ خصبٍ
وأعوامٌ لها تأتي هزالا
فياللصبِّ ما أشقى فؤادًا
تحمّلَ من مواجعها نكالا
بحبّ الغيدِ لا ترجو قويمًا
يقوّمُ بالصراطِ لها الخِلالا
سريعاتٌ بإيفاءٍ وعيدًا
وعن وعد الفتى تبدو كسالى
..
الشاعر عبدالقادر الموصلي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق