الوصول إلى جهنم ....1
للكاتب الروائي قدري المصلح .
رواية .
الجزء الأول بعنوان :
إعلانات صارخة .
ولدت في مخيم من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في المملكة الأردنية الهاشمية ، وعشت في البداية بين أبي وأمي في بيت حقير وصغير ، وأظن بأنني بدأت بتسجيل أحداث هذه الرواية عندما صرت طالبا في صفي السادس المدرسي في مدرسة المخيم ، والتي هي للطلاب اللاجئين الفلسطينيين ، والتابعة لوكالة الغوث الدولية .
كان أبي قد أصبح مراسلا في مدرسة من مدارس وكالة الغوث الدولية ، وكانت وكالة الغوث تعطي دخلا جيدا للعاملين فيها . لقد اختلفت حياتنا في تلك الأيام كثيرا عندما بدأ أبي العمل في الوكالة .
صباح يوم مدرسي انتقل إلى مدرستنا مدرس تربية رياضية ، وكان خريج العام الذي نحن فيه من الجامعة المستنصرية في العراق ، وحدثنا عن نفسه قائلا :
كنت صغيرا جدا عندما أرسلني أبي إلى المدرسة ، وطالما شاهدت امرأة تقوم ببيع حلوى الهريسة أمام المدرسة التي كنت اتعلم فيها ، وطالما كنت أحلم أن يعطيني أبي نقودا للشراء منها ولم يفعل ذلك أبدا . أكثر من ثلاثة شهور وأنا أطلب من أبي أن يعطيني ولو قرشا واحدا ولكنه لم يفعل ، وإلى أن جاء يوم تزوجت ابنة جيران لنا ، وأرسلوا لنا ما بقي من حلوى الفرح وكان من بينها حلوى الهريسة ، ولقد أكل أبي أكثرها .
بقي المعلم يتحدث ، وفي نهاية الدرس طلب من كل طالب ألا يأتي إلى المدرسة في الدرس القادم إلا ومعه بدلة رياضية للدرس الرياضي .
في تلك الأوقات كان معلم اللغة الإنجليزية صاحب مكتبة في المدينة ، مدينة إربد الشمال ، ولقد اشترط معلم الرياضة على الطلاب شراء بدلات الرياضة من المكتبة ، وقال بأنه سيجلبها إلى المدرسة ، ونحن الطلاب سنبتاع هذه البدلات منه .
كنت في صفي السادس المدرسي ، وكان يجلس بجانبي طالب يتيم مات والده وهو طفل صغير ، وعندما مر الأسبوع وجاء درس الرياضة الجديد ، ولم يجلب مهند بدلة رياضة شاهدنا المعلم يعاقبه بطريقة قذرة جدا وهي أن قام بنزع بنطاله عن خلفه وتف فيه .
وهكذا صار مهند قصة مخيمنا كله .
كان معلم اللغة الإنجليزية قد علم بما حدث مع الطالب اليتيم ، ولذلك أعطاه بدلة رياضية مجانية ، وبعد عامين من الحادثة صار هذا الطالب اليتيم يعمل على عربة يبيع عليها البيض والكعك ، ولصالح معلم اللغة الإنجليزية ، والذي كان له بنتين من أجمل بنات الشمال في المملكة الأردنية الهاشمية .
بقيت أحداث ذلك اليوم الذي عاقب فيه معلم الرياضة مهند في رأسه ، وإلى أن جاء يوم سمعنا فيه أن مهند مرر سكينا على وجه معلم التربية الرياضية في المخيم ، وسجن بعدها عام ونصف .
وبعدها سمعنا أن معلم الرياضة قد نقل من مدرسة المخيم إلى مدرسة في مدينة الشمال .
صباح يوم من الأيام وبعد عام ونصف شاهد أهل الشمال مهند بائع البيض والكعك يدفع بعربة عليها تابوت طويل ، وعندما سأله بعض الناس عن هذا التابوت أجابهم :
إنه صندوق أضع فيه أغراض الطعام .
ولكنه كان تابوت موتى حقيقي ، ومع ذلك قبلت الناس بفكرة أنه صندوق وبقيت تشتري منه البيض والكعك .
لاحظت روان الأمجد ابنة معلم اللغة الإنجليزية والذي يعمل على عربته مهند هذا التابوت ، وفهمت قصد مهند منه ، ولهذا شعرت بخطر كبير ، وعليها تجنبه ، وفي تلك الأيام لم يفهم أحد من الناس ماذا يريد مهند من وضع تابوت على عربة يبيع عليها الطعام .
يتبع الجزء الثاني .
الروائي قدري المصلح .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق