عُصاب الضدّين والتداعيات المدمرة
كلمة عُصاب في دلالتها اللغوية العربية على صلة بالأعصاب والعصبية، والجهاز العصبي، وتقود بمضاعفاتها اللغوية لتصل إلى موقف التعصب
أما في دلالتها السيكولوجية فهي مرض، أو مجموعة أمراض نفسية تصحبها أحياناً مظاهر جسمية شاذة، وهستيرية، وينشأ العصاب عن الصراع الشعوري، واللاشعوري بين دوافع متعارضة أو بمعنى أدق بين نقيضين
اللذين يربضان في قاع النفس البشرية، ويحركان التفكير والسلوك البشريين ويتجلى واقع هذين الضدين في النفس بما ذكره الفيلسوف الدانماركي في سياق مختلف عن سياقنا هنا، في كتاب عنوانه: إما، أو، والتناقض الوجداني الذي ذكرنا ينعكس دوماً في تجاور الضدين في النفس مثل: الحب، والكراهية، اللذة والألم وأحياناً يشتد الخصام بين النقيضين ليصبح صراعاً بين: الحب المتأجج، والكراهية الشديدة والمراوحة بين النقضين والعيش وسطهما من دون التوصل إلى نمط من المسالمة بينهما أو التكيف معهما وينتهي الصراع بين النقيضين إلى مرض قاتل وهو ما دعي في بداية هذا المقال بعصاب الضدين.
لقد كانت الكاتبة الفرنسية ذات الاسم المستعار مدام دي ستايل تجد متعة في الانتقال من النقيض إلى النقيض من الدرجة صفر، إلى 180 درجة وترتطم الشخصية الإنسانية في جانبها السيكولوجي منذ أن تعي الحياة بصخور من الثنائيات من قبيل: الذكر والأنثى، الأب والأم، الحياة والموت، الليل والنهار، الشمس والقمر، البرد والحرارة . . الخ
تقع النفس البشرية أسيرة الواقع الانفعالي الهيجاني الفوّار، والتي تتقلب في النهاية إلى ترجيح مطلق لأحد الضدين أو النقيضين أو بلغة أخرى اثبات الأنا، بنفي الآخر، ويصبح الآخر، جحيماً على حد تعبير سارتر، وينفي أحد الضدين الآخر، بداهة وطواعية، أو كرهاً، ولزاماً، وهنا تتجسد الكارثة ، لذا ما يقال انه تقلب في المزاج بتعبيره البسيط ما هو الا صراع الاضداد في النفس الانسانيه والحل الامثل لهكذا صراع هو التناغم والتناسق وارضاء الطرفين كما تقول مدام دي ستايل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق