الأحد، 31 يناير 2021

قصة قصيرة تحت عنوان {{منام كاتب متعب}} بقلم الشاعر العراقي القدير الأستاذ{{أحمد جبار الجوراني}}



قصة قصيرة

..........................

منام كاتب متعب


عدت من مطار المدينة متعبآ منهكآ ، لم أنم منذ ليلتين.، لتغطية ومتابعة حادث أحتراق طائرة صغيرة ، وهي متوقفة منذ ثلاث أيام في أحد المدارج للمطار ، لم أشعر بشيئ فقط أتذكر غيرت ملابسي ودخلت الحمام ، ثم أستلقيت على سريري وغفوت على فوري . 


عندما أقلعت طائرتي فكرت بالكتابة ، كتابة جزء بسيط مما أتذكره من زمن الفوضى والمعقول واللا معقول ، بعض مما أتذكره يبدوا منطقي للجميع ، والبعض الآخر ربما عاش مثله وينكر الإعتراف لإصابته بداء الغرور المفرط أو داء العظمة العمياء ، وبعض مما جال في خاطري من الشعور واللا شعور . 


خلعت أجنحتها ، وألبستها صدر وعجز قافية منتظمة أو عشوائية ، رميت منها بعض الركاب زائدي الوزن ، لم أرمي عجوز تجلس قربي ، لإنها قالت لي بني عندما نصل المطار سأشتري لك معطر جسم ، حشيت بطانة الأجنحة ببعض أوراق الجرائد لعلها تنفع في أستقرار الأواني المطبخية في الطائرة .


هكذا بدأت كلامي بصوت واضح . 


ثم بدأت أسرد قصتي للعجوز التي وعدتني بشراء معطر جسم لي ، ولهذا السبب لم أرميها مع الركاب زائدي الوزن . 


كان يجلس في المقعد الذي يليني رجل أعمال، أصابني بالأرهاق والتعب جراء كلامه عن العملة والحوالات ، نبهته مرتين ، لم يكترث رميته من الطائرة ، رغم إنه لم يكن من فئة زائدي الوزن ، كنت أبدوا غريب الأطوار بعض الشيئ في الرحلة ، شعري عكش عالي وغير مصفف ، ملابسي غير منسقة الالوان ، ساعتي اليدوية باهضة الثمن ، أحمل في جيبي نصف قلم رصاص غير مبري .


عاكست مظيفة ، فأخرجت من فمها علكة صفيرة ولصقتها في كتفي . 


تكلمت طيلة تسع ساعات ، شربت خلالها قنينتين ماء ، وفنجان شاي بالثلج ، ثم طلبت أن أدخن سيكارة ، سمح لي بذلك ، ما أن أشعلتها حتى ثارت العجوز بوجهي واخذتها ورمتها فورآ . 


لم أعترض عليها ، طلبت فنجان قهوة أعتيادي . 


في نهاية الرحلة نزلت للمطار ، وتكلمت مع العجوز ، ذكرتها بشراء معطر الجسم الذي وعدتني بشرائه . 


أوفت العجوز وعدها ، وتبين إنها لم تكن تسمع ، مصابة بالصم نتيجة كبر سنها وتعرضها لأمراض الأذن الشائعة بهذا العمر ، لم تسمع ولا حرف مما قلته طيلة الرحلة التي أستمرت تسع ساعات تقريبآ ، أخبرت العجوز أمن المطار إنها شاهدتني وأنا أقوم برمي بعض ركاب الطائرة ، أحتجزت في أمن المطار لأغراض التحقيق . 


الساعة العاشرة صباحآ نهضت من السرير مرعوبآ ، وكأني سقطت على وجهي مصابآ جراء التفجير الذي حدث توآ ، لم يبقي زجاجة واحدة في شباك غرفتي المطلة على مبنى الجريدة التي أعمل بها ، وعلى صوت الصراخ والفوضى والهلع ، خرجت من غرفتي مسرعآ لمكان الحادث ، حيث الفوضى تعم المكان والضحايا والجرحى يتلوون يطلبون المساعدة لإنقاذهم ، وصلت مفارز الشرطة وطوقت المكان وسمح لسيارات الإسعاف الفوري بنقل الجرحى يعاونهم بعض الشباب في المنطقة وأصحاب المحلات القريبة .


الكاتب أحمد جبار الجوراني

بغداد 

ليست هناك تعليقات: