قصة قصيرة بعنوان:
(الأحلام لا تُسرق)
يوم كان طفلاً كانت لديه أحلام كبيرة وكثيرة وكان كلما أتى للنوم يرتاده حلمٌ جديد فيضمُّه إلى مجموعة أحلامه الكثيرة
ولكثرة أحلامه لم يعد يستوعبها المكان فخرج إلى الفلاة حاملاً كمَّاً هائلاً من الأحلام وأودعها هناك وعاد ليشق طريقه في الحياة متجاوزاً طفولته المليئة بالأحلام
وأمام واقعٍ مثقلٍ بالهموم والتعقيدات بدأ النسيان يتسرَّب إليه وراحت أحلامه تتكسَّر وتتبخر
مرَّ يوماً بمزرعةٍ جميلةٍ فيها ما لذَّ وطاب من الثمار وفيها من الجمال ما كان بناه في الحلم يوم كان صغيراً
دخل المزرعة متنقلاً بين الأشجار ليتنعم بخيراتها فوجد فيها شخصاً ينظر إليه مستهجناً دخوله وسأله باستغراب من أنت؟
فأجابه: هذه المزرعة هي حلمٌ من أحلامي بنيته منذ عشرات السنين وقد سرقته مني وأنا آتٍ لاسترداده
ضحك الرجل منه ساخراً وطرده قائلاً أيها المجنون عد إلى حلمك يا أبو الأحلام ولا تريني وجهك ثانيةً
ومرَّ بقصرٍ منيفٍ مذهل البنيان وكان حلماً من أحلامه التي أودعها الفلاة
همَّ بالدخول فطرده الحراس معنفين فصرخ في وجوههم أنتم تسرقون أحلامي أيها اللصوص سأقاضيكم وأسترد أحلامي منكم
وكان كلما وجد شيئاً من أحلامه أمامه واقعاً هرع إليه ليمتلكه فحال بينه وبين ذلك من اعتبرهم سارقي أحلامه
جلس في زاويةٍ من الزوايا يندب حظه العاثر الذي جعله عرضةً للسلب والنهب من قبل الآخرين
مرت أحلامه التي تركها في الفلاة من أمامه فصرخ بها لائماً وعاتباً كيف تركتموني ومضيتم لغيري؟
فأجابه حلمٌ من أحلامه هازئاً به:
الأحلام لا يمكن أن تبقى أحلاماً وهي بحاجةٍ إلى تحقيق
أما أنت فقد تركتنا في الفلاة ومضيتَ فأتانا من تعهَّدنا بالعمل وحوَّلنا إلى واقعٍ فصرنا له وهذا حقه
أما أنت فليس من حقك إلا الأحلام أما الواقع فهو لمن يصنعه وأنت لست منهم
أنت لم تتعرض لسرقة فنحن من حق الجميع ولكن يفوز بنا من يحولنا من الحلم إلى الواقع
بكى بحرقةٍ على أحلامٍ لم يستطع تحقيقها
وعرف أنه هو من ضيَّع الأحلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق