الخميس، 5 مايو 2022

مقال تحت عنوان{{بيت العنكبوت والإعجاب العلمي للقران}} بقلم الكاتب المصري القدير الأستاذ{{الأمير_محمود}}


 بيت العنكبوت 

والإعجاب العلمي للقران 
 .................
 (قوله تعالى 
 {مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون}. فهذه الآية تشير صراحة الى وهن بيت العنكبوت وأنه يأتي كأكثر البيوت ضعفا وهشاشة. ولكن في المقابل ثبت أن خيط العنكبوت «من حيث مادته وتركيبته المجهرية» أقوى من خيوط الفولاذ والنحاس وجميع المعادن المعروفة، فالخيوط الحريرية التي يفرزها العنكبوت لو جمعت في سماكة الأصبع لاستطاعت حمل طائرة ضخمة بكامل ركابها. فرغم أن خيط العنكبوت يبدو ضعيفا وواهيا إلا أنه مقارنة بسماكته التي تقل ب400 مرة عن شعرة الانسان على درجة عالية من القوة والمرونة «لدرجة أن الجيش الأمريكي طلب مؤخرا ملابس مضادة للانفجارات تصنع من خيوط العنكبوت» فهذا الخيط «المصنوع من سائل بروتيني يتصلب عند ملامسته للهواء» يمكنه التمدد إلى خمسة أضعاف طوله قبل أن ينقطع. أضف لهذا انه «مقارنة بوزنه وحجمه» أقوى من الفولاذ ب 20 مرة، والألمنيوم ب 29 مرة وتبلغ قوة احتماله 300,00 رطل للبوصة المربعة -وهو ما دعا العلماء لتسميته ب «الفولاذ الحيوي» أو «الفولاذ البيولوجي» أو «البيوصلب». وهذه الحقيقة تستطيع اكتشافها بنفسك حيث يمكنك بسهولة إزاحة بيت العنكبوت «بسبب وزنه الخفيف» ولكن يصعب عليك قطعه أو تغيير شكله الهندسي!
هذه الحقائق المدهشة تدفعنا للتساؤل عن كيفية التوفيق بين «وهن البيت» في الآية الكريمة و «قوة المادة» التي يبنى منها . وكيف يجتمع في منشأة واحدة «الحد الأدنى» من الوهن والهشاشة و«الحد الأقصى» من القوة والمرونة!؟
قبل الإجابة على هذا السؤال أذكر أولا بأن الآية الكريم تسجل نوعين من الإعجاز في بيت العنكبوت. الأول مادي فيزيائي؛ والثاني معنوي أخلاقي.
فبالنسبة للإعجاز المادي نلاحظ أن كلمة العنكبوت وردت في الآية الكريمة بصيغة التأنيث لا التذكير «اتخذت بيتا». فالعلماء لم يكتشفوا إلا مؤخرا أن أنثى العنكبوت هي من يقوم بفرز المادة الحريرية وجدل الخيوط وغزل الشبكة. و كلمة «اتخذت» لا تشير فقط إلى أنثى العنكبوت بل وإلى وجود عملية بناء حقيقية تقوم بها بغرض السكن والتفريخ. وفي المقابل يقتصر دور الذكر على التلقيح والارتماء عند قدمي الأنثى كي «تأكله» بعد انتهاء عملية التزاوج. وهذا المصير المخيف جعل بعض المفسرين يرون أن المقصود -في الآية الكريمة- هو وهن البيت من الناحية الاجتماعية والأخلاقية لا المادية والميكانيكية؛ فبالمقارنة -حتى مع عالم الحشرات- يعد بيت العنكبوت «أوهن البيوت» من الناحية الأسرية وأكثرها أنانية وشراسة؛ فالأنثى تأكل الذكر بعد التلقيح وتأكل أبناءها بعد خروجهم من البيض كما الإخوة بعضهم البعض كلما سنحت لهم الفرصة.
ومن هذه المنظور تسجل الآية سبقا فريدا من حيث الإخبار عن السلوك الداخلي للعنكبوت ووهن بيتها من الناحية الأخلاقية والاجتماعية!!.
والتفريق بين وهن البيت «كوصف مجازي» وقوة المادة التي يبنى منها يثبته استعمال الآية الكريمة لكلمة «بيت» وليس «خيطاً» أو «شبكة» . أضف لهذا أن وهن البيت - من الناحية الاجتماعية والأخلاقية- جاء أصلا في سياق ضرب المثل بمن يتخذ من دون الله أولياء حيث الصلات واهية والروابط متقطعة والغدر وارد في أي لحظة!!
وعلى الرغم من أن البيت عند العرب وغيرهم هو المكان الذي يأوي إليه الكائن الحي من أجل الراحة والاختباء، والهروب من الحر، واللجوء إليه من البرد، والزواج ورعاية الأبناء، وأمور أخرى، فإن ما يجري مع العنكبوت في نسيجه أمرٌ مختلف كل الاختلاف عن ذلك، فنسيج العنكبوت ليس بيتًا، بل هو فخ لصيد الفرائس، ثم تستدرج الأنثى فيه الذكر لثوانٍ معدودة تأخذ منه ضالتها في التلقيح، ثم تفتك به مباشرة، وأما صغارها فتهرب من الأم بعد فقسها بفترة زمنية معينة، خشية أن تفتك الأم بها كما فعلت بالأب من قبلُ، (وإنَّ أنثى العنكبوت تقوم بوضع بيضها داخل شرنقة حريرية على شكل كرة أو على شكل قرص، وتقوم بفرز هذه الشرنقة لتكوين ملجأ آمن لبيضها، فتقوم بلصق هذه الشرنقة بمؤخرة بطنها، وتظل هكذا أينما ذهبت، وإذا حدث أن انفصلت عن جسمها، تعود وتلصقها مرة أخرى، وعندما يفقس البيض عن عناكب صغيرة، تظل داخل الشرنقة حتى أوان انشقاقها، ثم تخرج إلى ظهر أمِّها، وتظل تحملهم أثناء حلها وترحالها)[3].
.
يا لها من قصة تفكُّك وتشرذم أسري منقطع النظير، وهي صورة نشاهدها في حياتنا تشبه قصص أولئك المشركين الذين يتولون ويتخذون آلهة من دون الله تعالى، وإن تشابه المشركين مع العنكبوت في البناء الأسري، وأعمالهم كبيت العنكبوت - 

1- ما يعتقدون أنها أواصـر تواصل إيجابية بينهم وبين ما يعبدون من دون الله، ما هي إلا خيوط ضعيفة واهية 
وهي في نفس الوقت خيوط حريرية ملساء لا يظن من يراها أنها شرك يمكن أن يوقع به، وكذلك الذي يدعو الناس للشرك، فهو يزيِّن شركه، ويحاول أن يظهره أن فيه خيرًا، وهو عكس ذلك.
2- ما بنوه في خيالهم من أنَّ ما يُعبدون من دون الله سيكون لهم سترًا من الأقدار، ومعينًا وقت الشدة، وحفظًا من الحر والبرد، ما هي إلا خيوط واهية لا تقي من حر، ولا تدفئ من برد، فهي لا تغني ولا تسمن من جوع، وإن نهاية هذا البناء أن تُمزقه الريح وتهوي به إلى مكان سحيق، وهو تمامًا كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ﴾ [الحج: 31].
........
بقلم.
الأمير_محمود

ليست هناك تعليقات: