الجمعة، 30 سبتمبر 2022

مقالة تحت عنوان{{الحياة مسرح للعبادة}} بقلم الكاتب المغربي القدير الأستاذ{{رشيد الموذن}}


الحياة مسرح للعبادة @

إن من أخطر الإنحرافات التي سادت في ذهن المسلم ، أنه حصر الحياة التعبدية في العبادات الشرائعية ، وغفل عن أن هناك عبادات تعاملية . فإن كانت العبادات لسان حالها ينطق عكس الأفعال فالخلل إذن في الإلتزام بالعبادات دون إلتزام بمعظم المواقف والسلوكات التي لا أنكر حقيقة قد دفعت  كل الظروف المحيطة اليوم لإفتقادها ، وكأن اختفاءها  يرسل رسالة واضحة أن الإنسان مهما حصل يبقى ضعيفا ، ولا يمكن حل مشكلة هذا الضعف إلا بأسلوب تراتبي أفضل . ويحضرني مثال راهن أن يحتل الصدارة لأهميته . فإذا كان هناك إسراف في استعمال الماء للوضوء فهو سلوك غير عادي منهي عنه في أمر لا تبذر تبذيرا ، فما الجدوى من  محاولة جاهدة لإصباغ الوضوء بشروطه المعلومة بالضرورة  حسب ترتيبها وعددها ، تربى النفس عليها تربية ضخمة . ولم لا ألعمل بنفس الجهد لتقويم الإعوجاج في سلوك  الاسراف. أما إن تحدثت عن المغاطيس في البيوت ، والمسابح في الفيلات ، والجدران وما يحفها من بساتين وغسل للسيارات ، فحدث ولا حرج . وما هو غير مناسب أنه استقر في ذهن البعض أن من حقه الحصول على كل شيء يرغب فيه دون حساب للٱخرين ، وهذا يجعله مع الوقت ربما معتديا على حقوق غيره .
نعم لقد أدركت اليوم وانا أجوب الفيافي   أن الأمر جد خطير بعد  أن قل الدمع في عين السماء وابتلعت الأرض كل ريق تحت لسانها  ولم يعد في شرايينها إلا بضع قطرات تكاد تكون  غائرة  ، ثم من المعلوم جدا لم أسمع بتاتا عبر التاريخ عن أحد قام بتخزين الدموع قط . كما قال رب العزة : (وما أنتم له بخازنين ) لهذا قلت في نفسي ماذا لو كان بعض الجهد شخصي من الجميع للمحافظة على هذا ألإرث البشري  .  حقا لكانت النتيجة رائعة وتستحق التقدير اليوم ، ربما يقول أحدكم كيف ذالك ؟ والأمر يسري على مترفي المدن وما يسرفون على مسابحهم كما ذكرت ؟! فأقول : إن مثل هذه التصرفات يتم التحكم فيها بشكل فردي على مستوى وطني وعالمي أيضا ، وحياة الفرد المسلم أجدر كونها كلها مسرح للعبادة والتي هي في نهاية المطاف تشكل جزء من شخصية الفرد مثاب له أجر المحافظة على مادة حيوية تشترك فيها البشرية جمعاء وأجر العبادة ، وقد يشعر المرء من خلال تبطيل الإسراف فيها بعز وافتخار . وعليه أن يعلم كذالك في مثل هذه المواقف ستتسع الدائرة وسيكثر حوله من يتعلم السلوك التنظيمي المناسب فتضيق السبل على المخالفين .  بالتالي بنوع من  الصد والنفور تتحسن السلوكات مرة تلو الأخرى حتى تصبح متقبلة أكثر .
وإلا صديقي تأكد يقينا أننا من سندفع الفاتورة في الغالب إن ارتفعت الأسعار ، أو لا قدر الله كانت هناك انقطاعات إجبارية للماء من حين لآخر . وقد بدأنا نسمع صوت إنذار هنا وهناك ويبقى بعيدا ، كونه لا يمثل معالجة الوضع بخطوات واعية حيث الحالة هاته لا تستوجب منا  أن نجعل في  صوتنا نبرت غضب ، ولا نظهر بأننا غير راضين ، لأننا لم نقم بالواجب على النحو المطلوب  بتخطيط محكم حكومة وافرادا على مدى تعاقب سنين الجفاف  . وتأكد عزيزي أن لدي مدلول ملموس لكل هذه الكلمات ؛  فلو كان لزاما علي أخدك الى هناك لنقل المشاعر من قلب الحدث ، خارج المدار الحضري وسلك مسالك غير معبدة لنناقش سلوكنا معا ومع عقلنا الباطن ونحن نرى ما أكره عليه الناس في المداشر والقرى وهو بالنسبة إلينا مألوف عادي وبلمسة زر بسيطة فقط ، بذالك  أشعر أننا سنعاقب بسبب تصرفنا المفرط ، وسنتيقن ساعتها أن هناك سلوكات صبيانية نتبناها في حياتنا المتمدنة كأطفال يحاكون بعضهم البعض ، من غير إلمام شبه كامل بالأحداث المحلية والعالمية من تغيير للمناخ ونحوه ، بالرغم من المراحل العمرية التي لم نتأذب فيها وكان لنا سوى دأب السبق في الأنانية وحب الذات . والإشكال الأكبر أيتم تعليم أجيالنا الصاعدة من خلال مشاركتهم بتقليد ردود أفعالنا  المنحرفة !؟ وأعظم صورة هنا لتأديب الأبناء تعليمهم الدين بجد ، والأخد بعين الإعتبار أن الحياة مسرح للعبادة وغرس محبة الله في قلوبهم ليقوموا بحقوقه وواجباته خير قيام . إذ لا يتوقع من أي كان التزاما تاما وقلبه فارغ من كل معاني العقيدة . فالله سبحانه وتعالى هو من يعطي الإنسان كل النعم ، وهو الرزاق لخلقه يحب الشاكرين الأخيار ، حريص على هدايتهم ، ويبغض الأشرار ، وهو بذالك بعث الرسل ليعلموهم ما تصلح به حياتهم ، فبشر الأخيار وتوعد الأشرار وهذه هي الصورة التقريبية الحقيقية  لمعنى العقيدة أليس كذالك ؟! والحكمة البليغة الغير مكتسبة لدينا أننا لم نعود أنفسنا التسليم المطلق لله . فالله خالقنا ويعلم ما يناسبنا ، وما فيه مصلحة لمسرح حياتنا وما خلق الإنس والجن إلا ليعبدوه . وهذا يعني أن الخطأ البديهي هو فرصة عظيمة للتعلم أما التصرف بالتصميم الخاطئ وبتعنت وتحدي ، فيستحق العقاب ، ولابد أن يكون هناك بعض الحزم في رسم الحدود . ليبدأ التنبيه بالإلتزام بما هو مطلوب .
وختاما على الرغم مما ذكرت قد يجذب انتباهنا سليم الخلق عديم العبادة ، فمهما كان الأمر إن لم نغفل عن التهذيب ، فلا يجب كذالك ان نغفل عن العبادات ، لأننا نتحدث معا عن المضمون والمعلوم من الدين  لا عن الشكليات ، فهي كسراب بقيعة يحسبه الضمٱن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ولن يجد إلا الله عنده في الأخير ليوفيه حسابه . عموما كما نجهد أنفسنا للتكيف مع العبادات كذا يتعين أن ننشط ونستفيد من خوض نفس الجهد لتقويم التصرفات الخاطئة. أما الإتيان بالشعائر الدينية ثم تأتي قبلها نية إحتياجات نزواتية في المرتبة الأولى ، بحيث تمنح لها فرصة أكبر كمن حج بمال يتيم او كمن صلى الفجر وحرم أخته من ميراث وكمن جمع الجمعة والعيد ولم يحترم حقوق الأخرين ، وكمن قام الليل وما بقلبه احتواء لأم ولا بنين ، وهلم جرا . وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث تفوح منها رائحة المسك والعنبر ، تحث إلى رفعة ومنزلة لا تطاولها منزلة .
أخيرا ما أعنيه بقولي ليس تعبير إنشائي  إنما هي كلمات أتمنى أن يكون لها تأثير ساحر لإختراق العقل ليدرك تماما ما نقوم به من تصرفات تنعكس سلبا على حياتنا العامة ،  وهذا إعتراف مني أولا بما يجول في خاطري أحاول أن أصلح نفسي ما أمكن إصلاحه حتى تنصلح أمورنا كلها ، وتسير الأمور في مسارها الصحيح بوعي تام وتدبير محكم وإلا ستكون العواقب وخيمة ولو بتحلية ماء البحر أو حتى إعادة تدوير المياه العادمة . وهنا أقول لزاما أني لا أنتقد أي أحد ، بل أؤكد دوما أننا لسنا سيئين ، ولكن هناك تصرفات خاطئة تحتاج الى تعديل . وتحدثت كمثال عن خطأ الإسراف في الماء ، والأضرار المترتبة عليه وقس على ذالك من أخطاء قد تتزاحف إلى ذهنك الٱن . وهكذا فإني لا أقول لأحد أف ، ولا أقول لما فعلت ؟ أو هلا فعلت ؟ إنما أعتقد في ظل غياب المنبر الإعلامي التوجيهي الطريقة الأنسب والأقوم هي أن أقول الذي عندي بمعنى  : لنغير سلوكنا ..لنغير سلوكنا .

أخوكم رشيد الموذن@

المغرب @ 

ليست هناك تعليقات: